أعمدة

محمد عبد القادر يكتب: حريق الشرق… الازمة في الخرطوم

اتعجب من الذين يتحدثون عن بطء وفشل الحكومة في التعامل مع حريق الشرق وازمته المتصاعدة هذه الايام، تري ماهي الملفات التي نجحت في انجازها سلطة قحت حتي نعول عليها في التصدي بمسؤولية لحل مشكلة وطنية تهدد بانهيار وتشظي الدولة السودانية.
ظل حراك الحكومة المركزية بطيئا في التعامل مع الازمات في المركز والولايات ، همتها دائما اقل من تطورات وخطورة الاحداث، ترفع شعار (سمحة المهلة) في مقام الطوارئ ومتطلبات الحسم السريع، تتعامل ببرود وعدم مسؤولية مع المشكلات الكبيرة وتغرق في التفاصيل والشجون الصغيرة، يطربها العالم الافتراضي الذي صنعته من زيف الشعارات وبريق الهتافات في الاسافير دون ان تابه لشعبها المطحون في الواقع وهو يعاني مصاعب الحياة ويسدد فواتير الفشل اليومي في ادارة سياسة واقتصاد وامن وخدمات الدولة.
تري كم لبثت ازمة الشرق التي تجيش لها قوى الحرية والتغيير الوفود الان بعد ان دخلت ( اللحم الحي)، ظلت اجهزة الدولة مصابة ببرود (حمدوكي) استوطن مفاصل حركتها تجاه الازمات الكبيرة، تاثرت حكومتنا بسلحفائية مجلس الوراء ورئيسه في معالجة بؤر التوتر ومكامن الوجع الوطني حتي استفحلت ازمة الشرق وتجاوزت الاقليم لتشمل مناطق اخري تعلن الان قطع الطرق الحيوية في نهر النيل والقضارف والولاية الشمالية…
تخطئ حكومة قحت وشركاؤها العسكر الحلول، وتفشل في الامتحان المكشوف وهي تعلم ان سبب الحريق اتفاقية عرجاء لا يملك بعض موقعيها تفويضا للتحدث باسم ملايين السودانيين في الشمال وشرق السودان ومناطق اخري.. لماذا تضحي الحكومة بالبلد مراعاة لخاطر وثيقة لم تحقق القدر المطلوب من الاجماع والقبول؟! .. وما المشكلة في تقديم مبادرة تقرب وجهات النظر حول القضايا المختلف عليها…
اعترفت الحكومة مرارا وتكرارا بقضية الشرق العادلة و اقرت بالمظالم التاريخية التي تعرض لها هذا الجزء العزيز من الوطن خلال الحقب الماضية لكنها مازالت وكعادتها تبحث عن ( الفلول) في حراك التصعيد الاخير وتختزل الامر في تكتيكات الاجندة الصغيرة بين انصار التغيير ومعارضيه الذين يستحقون فقط السحق و( البل) ، وتعتبر قيادات الحراك الشرقاوي مجرد (صحبة راكب) في عربة يقودها العسكر او ( الكيزان)..
وبينما يتمدد الحريق وتتكاثف السنة اللهب في فضاء الشرق العريض كانت الحكومة للاسف مشغولة باهتمامات صغيرة لاصلة لها بالتحديات الكبيرة غرقنا في مؤتمرات لجنة التمكين وفساد العطاءات وابتزاز الشركات وخلافات الحاضنة السياسية واحتفالات وانقسامات قاعة الصداقة وانفقنا وقتا طويلا في جدل عقيم بينما السودان يتاكل من اطرافه..
كان متوقعا ما حدث بعد ان ابعدت الحكومة النجعة عن الحلول، واوجدت تشخيصا خاطئا لما يحدث في الشرق باعتباره ( حركات فلول) ليس الا .. بينما القضايا واضحة والحلول متاحة ، واني لاتساءل مثل كثيرين ، لماذا ولمصلحة من تحاول الحكومة استرضاء اطراف في الشرق كانوا سببا في اشعال الحريق وما اهمية اتفاقية سلام تنقل الحرب الي مناطق اخري، ولماذا لا يراجع اتفاق مسار الشرق بالقدر الذي يوصد الباب امام مخاطر التصعيد والانفصال المحتملة ..ومن هو الشخص والجهة التي يعلو وتعلو اهميتها علي وحدة وسلامة السودان ارضا وشعبا..
ليس مناسبا ان نتحدث الان ولو من قبيل التسريبات عن مقترحات لحلول امنية وعسكرية لازمة الشرق تحت دعاوي فرض هيبة الدولة المفقودة حتي في ميدان جاكسون وشارع المطار ناهيك عن شرق السودان واطرافه البعيدة، هنالك قضية سياسية حاضرة ينبغي ان تعالج في اطار الحوار والتوافق والتراضي.. الازمة سادتي في الخرطوم.. لافي الشرق مثلما يتراءي لكثيرين، فشل الدولة وحكومتها المركزية هو الذي فاقم ازمة الشرق التي نخشي ان تنتقل الي مناطق اخري وحينها لن يجد الجميع وطنا يتصارعون عليه..
الازمة في الخرطوم سادتي… من أكثر الملاحظات علي اداء قوى الحرية والتغيير وقد كتبناها من نحو عام (أنها ذات اهتمامات خرطومية) نخبوية، تنتهي حدودها في حديقة أوزون بـ(الخرطوم اتنين)، لا تملك حلولاً للقضايا والازمات التي تلامس أوجاع السودان الكبير بجغرافيته المعقدة وتقاطعاته المتعددة،اهتمامات (قحت) عبر أفكارها ورؤاها المطروحة للحلول لم تتجاوز الجهاز التنفيذي على المستوى المركزي، غابت المعالجات المطلوبة لقضايا الهامش والولايات، وانزوى عن خطابها الحديث التنمية المتوازنة … الازمة في الخرطوم .. سادتي

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى