*مصطفى أبوالعزائم* يكتب في (بُعْدٌ .. و.. مسَافَة).. حول الإسلام والمدنية ..
حتى ولو كانت الدولة مدنية ، تعتمد المواطنة أساسا في التعاملات ، وحتى لو لم يتضمّن الدستور إن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة ، فإن ذلك لا يعني غياب الدين عن تعاملات المجتمع العريض ، وفي أذهاننا دستور 2005 م الذي توافقت عليه كل الأحزاب والقوى السياسية ، بيمينها ووسطها ، ويسارها ، وحركتها الشعبية الحقيقية ، التي لم تكن تعبّر عن أقلية ، وإنما كان لها رؤيتها وفلسفتها في الحكم والإدارة ، وليس إعادة العمل بذلك الدستور بالأمر العسير .
نعم ، يمكن العودة إلى ذلك الدستور ، فعلمانية الدولة لن تنقص سورة كريمة من القرآن الكريم ، ولن تُسْقِط حكماً شرعياً ، ولن تترك حبل الأهواء على قارب للسّلطة ، ولن تغير شيئاً في قانون الأحوال الشخصية للمسلمين أو لغيرهم .
هناك آراء وأفكار ورؤى تستحق أن نقف عندها ، ونحن نحاول القراءة في كتاب سهل يتناوله ويتداوله الساسة ، إسمه علمانية الدولة .. أو علاقة الدين بالدولة ونظام الحكم .
*زمن التمحيص*
الشيخ بكر أبو زيد المتوفى عام ١٤٢٩
قال رحمه الله في كتابه حراسة الفضيلة:
*إنَّ المراهنة على اندثار هذا الدين بشعائره العظيمة و فرائضه ، بل وسننه ، مراهنةٌ خاسرة لم تفز يومًا منذ زمن أبي جهل حتى زمن أتاتورك ؛ ولكنكم قومٌ تستعجلون !*
*واعلم – ثبَّت الله قلبك – أنَّ الإسلام لا يموت ، لكنه يمر بفترات تمحيص ينجو فيها أهل الصدق ، ويسقط فيها مرضى القلوب في أوحال الانتكاسة ، فاصبر واحتسب ؛ فلستَ خيرًا من بلال ، ولستِ خيرًا من سميَّة رضي الله عنهم أجمعين .*
*واعلم أنه ستمر بك أيامٌ عجاف ، القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر ، سيُحزنك الواقع ، وتؤلمك المناظر ، هذه المشاعر عظيمةٌ عند الله ، ودليل خيرٍ وقر في قلبك ، لا تنحرها بسكين الانتكاسة !*
*ويا أخي لا يغرنَّك في طريق الحق قلة السالكين ، ولا يغرنَّك في طريق الباطل كثرة الهالكين ، أنت الجماعة ولو كنتَ وحدك { إنَّ إبراهيمَ كان أُمَّة } كن غريبًا .. وطوبى للغرباء !*
*أخيرًا : اِعلم أنَّ خروجك من قافلة الخير لا يضر أحدًا سِواك ! ووجودك فيها فضلٌ من الله عليك ونعمةٌ أنعم بها عليك ، والخروج منها هو الخسران المبين في ثوب مواكبة العصر والزمن الجديد !*
*واعلم أنَّ شريعة السماء تسير غير آبهة بأسماء المتخاذلين ، تسقط أسماء وتعلو أسماء { وإنْ تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .*
====================
*يقول المؤرخ الإنجليزي “هربرت ويلز Herbert George Wells”:
“كل دين لا يسير مع المدنية في كل أطوارها فاضرب به عُرض الحائط، وإن الدين الحق الذي وجدته يسير مع المدنية أينما سارت هو الإسلام .. ومن أراد الدليل فليقرأ القرآن وما فيه من نظرات ومناهج علمية، وقوانين اجتماعية، فهو كتاب دين وعلم واجتماع وخُلُق وتاريخ، وإذا طُلب مني أن أحدد معنى الإسلام؛ فإني أحدده بهذه العبارة: الإسلام هو المدنية”.
المصدر:
كتاب “الإسلام والمبادئ المستوردة”، للدكتور عبد المنعم النمر، ص84.