د. عمر كابو يكتب في (ويبقى الود)..
حمار حمدوك
ذاكرة السياسة السودانية تحفظ للإمام الصادق المهدي أنه أول رئيس وزراء أعلن تقديم استقالته عقب احتجاجات شعبية عارمة تسبب فيها قرار حكومته بزيادة سلعة السكر زيادة رفضها المواطنون فاضطر الإمام أن يقرر استقالته رسميا من منصبه وقرر أن يعلنها من قبة البرلمان صباح اليوم التالي لاندلاع الاحتجاجات والتي احتشدت فيه عشرات القنوات والاذاعات في انتظار الإعلان وجاء الإمام وأخرج ورقته كعادته وبعد أن حمدالله وأثنى عليه قال:(أنه وفي طريقه للبرلمان لتقديم استقالته لقيه رجل يركب حمارا واستوقفه وطلب منه أن يرجى استقالته مستطردا ذاك الرجل: تقدم استقالتك وتخلينا لمنو ياسيدي الإمام)؟؟!! سأترك للقارئ الكريم أن يسرح بذاكرته أو بخياله كيف صور (الكاركيترست) الفنان العملاق عزالدين ذاك المشهد في (الكركاتير) وأعود للإمام السيد الصادق المهدي رحمه الله رحمة واسعة لأكمل لكم إفاداته لوسائل الإعلام المحتشدة بأنه تنازل عن استقالته نزولا لرغبة صاحب الحمار ذاك٠
وأنا أنعش ذاكرتي بتلك الإستقالة المرجوع عنها حمدت الله كثيرا أن مضى يوم البارحة دون أن يلتقي حمدوك صاحب حمار آخر ليثنيه كما فعل مع إمامنا المغفور له بإذنه تعالى ٠٠٠
نعم قدم حمدوك استقالته وقد اختار توقيتها بعناية تامة اختار توقيتا ضمن فيه أن الفرقاء السياسيين بالسودان يصعب عليهم أن يجتمعوا على كلمة سواء تخرج البلاد من كبوتها لبراح الوطن الكبير الذي يسع الجميع٠
قدمها بعد أن تأكد له أن المخابرات الأجنبية قد تمكنت من البلاد تمكينا تاما يصعب الفكاك منه٠
هو الآن شخص من الماضي أو قل نسيا منسيا إلا إذا كان لأسياده (الخواجات) رأي آخر في أن يفرضوه بالقوة على الشعب السوداني الذي تلقى نبأ استقالته بفرح كبير عبر عنها بوسائل مختلفة أكدت على كم الحنق والبغض لرجل أسرف في الخيانة العظمى لبلده والإساءة لمعتقداته وأعرافه بدرجة سن لهم كل تشريعات الربا والردة والدعارة والخمور ظنا آثما منه أن هذا الشعب شعب بغى ورزيلة وسفور وتفاهة٠
يبدو أن البرهان قد حزب أمره بضرورة الإسراع في اختيار رئيس وزراء والتشاور معه في حكومة وزراء (تكنوقراط) حسما للفوضى واستكمالا للفترة البسيطة المتبقية من عمر الفترة (الانتقامية) وصولا لانتخابات حرة ونزيهة يختار الشعب فيها من يريده٠
فتصريحاته البارحة وجدت ارتياحا كبيرا عند الرأي العام
بعد أن ملً المواطنون حياة الفوضى والحالة العبثية التي يعيشونها والتي يقف وراءها الحزب الشيوعي وتوابعه من أحزاب اليسار التي تبذل قصارى جهدها لزرع الفتنة وخلق الفوضى وعدم الاستقرار لأنها ببساطة تدرك أن أي استقرار سيقود لانتخابات وهذه الانتخابات ليست في صالحهم حيث ستبعدهم تماما وتقصيهم بالكامل عن المشهد فمن حيث الكادر فإن هذه الأحزاب ثبت أنها فقيرة عديمة الكوادر المقنعة والمؤهلة أخلاقيا وفنيا لتقديمها للمواطنين ممثلين لها ففترة الثلاث سنوات التي مضت لم ينجح منهم أحدا أبدا في أي منصب شغلوه حيث توزعوا بين الفساد المالي والأخلاقي شراهة في السرقة والاختلاس (لجنة التمكين نموذجا) وضعفا في الأداء (حمدوك ووزراؤه نموذجا) هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإنه ليس لهم قواعد كافية في عديد المحليات ناهيك عن الأحياء لحراسة ومراقبة صناديق الاقتراع دعك من كوادر تمنحهم أصواتهم في انتخابات عامة تنتشر في كل بقاع السودان المختلفة٠
لذلك يخافون من الانتخابات و يخشون بأسها ويكرهون مجرد ذكرها سيما أن قناعات كبيرة بدأت تتشكل عند الرأي العام أن هذه البلاد لن يكون في مقدورها أن تخرج من وهدتها الا على يد الإسلاميين فهم من يملكون الرؤية والقدرة والإمكانيات والعلاقات والخيال والتصورات للقفذ بالوطن من حالة التوهان والاحتقان هذه٠
ذاك وحده الذي يفسر رفض المخابرات الأجنبية عقد مصالحة وطنية شاملة في السودان لأن ذلك معناه مشاركة الإسلاميين ولأنها لاتريد للسودان خيرا ولا رشدا ولا استقرارا بل تسعى كل السعي لتفتيته وتدميره وخلق الفوضى من خلال تمويل المظاهرات والعمل على حمايتها فقد ظلت ترفض أي توجه لتسوية شاملة لتظل الخرطوم في حالتها الثابتة هذه من الالتهاب والاحتقان والعبث٠
أجل كل الشعب السوداني يدرك أن مخرجه للعبور من أزمته الماثلة يكمن في عقد التسوية السياسية الشاملة لكن المخابرات الأجنبية التي تقود البلاد وتبسط سيطرتها على مواقع السلطة والقرار ترفض ذلك ليظل السودان حبيس أدراج الفوضي٠
هو إذن المشهد السياسي في قمة ارتباكه واضطرابه لن نخرج منها إلا بإرادة شعبية تصارع إرادة المستعمر وتفرض عليه أجندتها الوطنية نزوعا للاستقرار وجنوحا للصالح العام فإن ذلك طريقه واحد واحد هو الحوار الهاديء والهادف حتى يصل الجميع لرؤية وطنية واحدة وإلا فلن ينجح أحد٠