هيثم محمود يكتب: نعم للتسامح والتسامي.. لا للعنف والقتل(٤)
مبادرة (تسامح) التي أطلقتها عبر تلفزيون السودان تهدف لإرساء قيم التسامح والتسامي فوق الجراح من أجل مستقبل البلاد وتعمل على وقف نزيف الدم وازهاق الأرواح الذي لم يتوقف منذ بداية الثورة، فيكفي بلادنا الدماء التي سالت في الحروب المختلفة منذ العام ١٩٥٥ بجنوب السودان مرورا بجنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق والشرق.
ما دام أن الحروب التي كتبت علينا وافقدتنا ارواحاً عزيزةً قد وضعت أوزارها واصبح قادة الحركات المسلحة جزءً من السلطة بعد إتفاقية سلام جوبا، والتزم عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو بوقف إطلاق النار رغم عدم توقيعهما على إتفاقية السلام لذا فمن الأولى أن تتوقف دماء الشباب التي تسيل كل يوم في التظاهرات بشوارع الخرطوم، فشعار اللاآت الثلاث الذي رفعته بعض الأحزاب واقنعت به الشباب لا يؤدي إلا لمزيد من الدماء فالحوار هو الأساس حل جميع القضايا وإغلاق بابه سيؤدي لمزيد من التردي في كل مناحي الحياة ويزيد من حالة الشلل التام التي أصابت البلاد.
مبادرة (تسامح) لا تستثني أحداً من أفراد هذا الشعب ..تقودها القيادات الدينية وشيوخ وشباب الطرق الصوفية والجماعات السلفية وتبشر بها في منابر المساجد وخطب الجمعة وكذا الإدارات الأهلية والزعامات القبلية ورجالات المجتمع الذين يجدون إجماع وتقدير الشعب ويرتكز دورهم على نشر قيم التسامح بين أفراد المجتمع وإعلاء قيمة العفو.
الشعراء والأدباء والفنانين لهم الضلع الأكبر في المبادرة فمن شكلوا وجدان الشعب السوداني سيسهموا بصورة كبيرة في انجاح المبادرة عبر المنتوج الفكري والثقافي والأدبي وصياغته في قوالب فنية لتكون بديلا لهتافات الدم قصاد الدم.
المؤسسات التعليمية والكيانات الرياضية والثقافية والإجتماعية هي المحاضن الأساسية للمبادرة التي يبدا بها تلاميذ المدارس يومهم وطلاب الجامعات نشاطهم ورواد الأندية برامجهم وانشطتهم.
أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية ووسائل و وسائط التواصل الإجتماعي هي القنوات والمنابر الرئيسية للتبشير بالمبادرة وبلورتها وإثراء النقاش حولها من أجل تغيير لغة الخلاف والتعارك المنتشرة في القنوات الفضائية ووسائل التواصل الإجتماعي لتتحول للغة الحوار البناء الذي سيؤدي لتسامح المجتمع وإرساء ثقافة قبول الآخر.
تلفزيون السودان الذي انطلقت منه المبادرة سيكون المنبر الراعي والمساند من خلال جميع برامجه ذات التاثير الفاعل في المجتمع.. تسانده القنوات السودانية المختلفة والإذاعات المتعددة التي تحول المبادرة لشعارات وبرامج وأغنيات ومقاطع تبث على طول اليوم.
أجهزة الدولة العسكرية والمدنية والمؤسسات الرسمية والخاصة لها دور كبير في إنجاح المبادرة من خلال الرعاية والدعم والمساندة وجعل قيمة التسامح سائده داخل المؤسسات.. الأحزاب والكيانات السياسية ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني نعول عليها كثيرا في إنجاح المبادرة من خلال تغيير الخطاب السياسي وتبديل شعارات التظاهرات والبداية بالدعوة لمظاهرة سلمية يلتزم فيها الثوار بعدم ترديد الشعارات التي تقلل من شأن الآخر وتلتزم فيها السلطات بعدم استخدم البمبان والقنابل الصوتية والهروات وتنتهي التظاهرة بتعانق المتظاهرين مع القوات الأمنية كما حدث في ٦ أبريل أمام ساحة القيادة العامة.
بنشر ثقافة التسامح والتسامي فوق الجراح ستنتقل البلاد من مرحلة انسداد الأفق السياسي لمرحلة قوامها العفو والصفح وقبول الآخر وبذا ستمضي الفترة الإنتقالية لنهاياتها السليمة وسنصل للإنتخابات التي ستسود فيها روح التراضي وسيهنيء فيها الخاسر الفائز وسيفوز فيها الوطن بتوافق أبنائه.
انتهت الحلقات.