هاجر سليمان تكتب: موت أطفال (المايقوما).. من المسؤول؟!
كان على مبعوثى امريكا والنرويج والامم المتحدة ان يضعوا الانتهاكات التى تطول اطفال السودان مجهولى الابوين نصب أعينهم، قبل ان ينصبوا أنفسهم مراقبين على السودان ومتدخلين فى شأنه الداخلى، فالكارثة الحقيقية الآن ليست كارثة قحاتة وعسكر وتظاهرات وقمع بالبمان، بل الكارثة الحقيقية التى يجب ان يتم التدخل فيها بصورة مباشرة ومعاقبة كل المسؤولين عنها بالدولة وفرض عقوبات عليهم سواء كانوا عسكراً او مدنيين، هى كارثة وفيات الاطفال حديثي الولادة بدار المايقوما، فهؤلاء الابرياء يموتون ويتسللون خفية من الدنيا ولا احد يشعر بألمهم، والمؤسف ان الانفلات المجتمعى والانحراف الكبير اصبح سبباً رئيساً فى تنامى اعداد اللقطاء الذين يتم العثور عليهم فى الطرقات، وبعضهم أكل النمل عينيهم وبعضهم التهمت القطط والكلاب اطرافهم، والذى يتم العثور عليه سليماً حتماً تجده يعانى من انعدام الرعاية الصحية والطبية اللازمة.
هؤلاء الاطفال بات يتوجب على الدولة الآن ان تلتفت لحالهم، ففى نوفمبر الماضى توفي (٣٧) طفلاً خلال شهر واحد ولا حياة لمن تنادي، وتتنامى اعداد الوفيات مع تزايد معدلات دخول الاطفال في الدار، وكلما زاد العدد قلت الرعاية الصحية، واصبح الامر مرهقاً بالنسبة لموظفات الرعاية بالدار، وكل ما يحدث يجعلنا نطالب بفتح تحقيق كبير حول هذه الوفيات.
وفى خضم ما يحدث أشعر بأن هنالك تقصيراً ادارياً واهمالاً ربما متعمد وربما دون قصد او لاسباب قد تتعلق بنقص الامكانات.. المهم هنالك خلل ادارى ومسؤولية تقصيرية تقع على عاتق القائمين على امر الدار، فقد وردنا ان الام الواحدة مسؤولة عن رعاية عنبر كامل قد يحوى بداخله (٤٥) طفلاً، وهذا قمة القصور، ففى العادة تعجز الأم عن رعاية توأمها، فكيف لامرأة رعاية (٤٥) طفلاً دفعة واحدة، يتصارخون فى آن واحد ويتباكون، ويعتريهم الجوع والعطش وافراغ محتويات بطونهم، فكيف لامرأة واحدة ان تقوم بكل تلك الادوار، وطبعاً هذا يشير الى نقص حاد فى اعداد الامهات وضعف الاقبال على الوظيفة بسبب ضعف الامتياز، يعنى ما ممكن تقوم سيدة برعاية ذلك الكم الهائل من الاطفال الذين لم تنجبهم وبمقابل (١٠ ــ ٢٥) الف جنيه فى الشهر، فمثل هذه الوظائف تتطلب حصر اعداد الاطفال بأن يكون كل ثلاثة اطفال تحت رعاية سيدة لا يقل مرتبها عن (١٥٠) الف جنيه شهرياً، بالاضافة للامتيازات الاخرى.
وباختصار ما يحدث بالدار يؤكد بشدة الغياب التام لدور وزارة الرعاية الاجتماعية ومجلس رعاية الطفولة وغيرها من منظمات المجتمع المدنى المتخصصة في هذا المجال، وبالامكان فرض حظر على اية منظمة مدنية تعمل فى مجال الطفولة وايقاف عملها، شريطة ان تقدم بالمستندات ما تقدمه من دعم لدار الاطفال، ويجب على الخيرين ورجال الاعمال ان يقوموا بزيارة لدار المايقوما، ويعملوا على توفير احتياجات اولئك الاطفال الذين لا ذنب لهم سوى انهم كانوا ثمرة علاقة آثمة لم تراعِ حقوقهم لتقذف بهم الى الطرقات.
سادتي انقذوا اولئك الاطفال ففى كل كبد رطبة أجر، وقبل أن نختم نثنى ونعلن دعمنا لمبادرة الضبط المجتمعى التى اطلقتها وزارة الرعاية الاجتماعية لكبح جماح هذه الظاهرة الخطيرة التى تؤثر في المجتمع والطفولة.