هتافات في العاصمة والولايات تحرك الرمال تحت أقدام يونيتامس
إنطلقت يوم الأربعاء تظاهرات في الخرطوم رافضة للتدخل الأجنبي في شؤون السودان. وقد جاءت المواكب متزامنة مع ذكرى تحرير الخرطوم من المستعمر والتي تصادف يوم ٢٦ يناير من العام ١٨٨٥. وإلتفت حول مبادرة رفض التدخل الأجنبي قطاعات واسعة بعد أن حمل بعض المتظاهرين شعارات تنادي بطرد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيريتس.
وأبدت بعثة يونيتامس في السودان إنزعاجاً كبيراً من الهتافات الرافضة لوجودها وقالت على صفحتها الرسمية بالفيسبوك أن مجموعة من المتظاهرين أمام اليونيتامس تطالب بطرد البعثة. وإنّنا ندافع عن حرية التجمع والتعبير وعرضنا عليهم استقبال وفد في مقرنا لكنهم رفضوا ذلك. وأكدت اليونيتامس أنها موجودة بناءً على طلب السودان وبتفويض واضح من مجلس الأمن.
وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد حسن أن إنزعاج البعثة الأممية ومن يساندونها من الهتافات معلوم ومفهوم لأنها حركت الرمال تحت أقدامهم وأظهرت بمستوى كبير أن قطاعات واسعة من الشعب السوداني ترفض وجودهم. وذلك لطبيعة السودانيين الرافضة للإستعمار والمقاومة للتدخلات الأجنبية منذ عقود طويلة. وقال خالد أن إختيار السودانيين ليوم ذكرى تحرير الخرطوم فيه رسالة واضحة بأن الأحفاد يسيرون على درب الأجداد في رفض الإرتهان للقوى الغربية والتدخلات السافرة في شؤون السودان الداخلية. وأكد خالد أن يونيتامس لم تأت بإجماع الشعب السوداني وإنما عبر خطاب سرب بليل من رئيس الوزراء السابق حمدوك لأهداف وأجندة معلومة للجميع حيث جوبهت وقتها بمعارضة كبيرة.
وقال خبراء ومحللون سياسيون أن المواكب الرافضة للتدخل الأجنبي والمطالبة بطرد رئيس بعثة يونيتامس حملت وجوهاً لم تظهر من قبل. وتميزت المواكب بالتنظيم والسلمية والتعبير الحضاري عن قضيتهم. حيث لم يلجأوا للعنف ولم يقوموا بتدمير المنشآت والطرقات. ولم تضطر القوات المختصة إلى إزالة ترس أو إطلاق عبوة غاز مسيل للدموع. بل تم تنظيف محيط الموكب من قبل المشاركين أنفسهم بعد نهاية التظاهرة الأمر الذي وجد الإشادة والإستحسان.
وقال الخبراء أن المشاركين في مواكب رفض التدخل الأجنبي عكسوا صورة حضارية للتعبير السلمي وقدموا مثالاً يحتذى للشباب المشاركين في المواكب التي تدعو لها لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين والتي يسودها العنف والتخريب والدماء. وطالب مراقبون الشباب بسلمية التعبير والبعد عن المهاترات والهتافات المعادية للقوات النظامية فالتعبير السلمي حق مكفول للجميع بعيداً عن الأجندة المشبوهة والمتاجرة بالأرواح والدماء.
وأكد الخبراء أن وجود البعثة الأممية في السودان يحتاج بالفعل لمراجعات بعد الهتافات المدوية التي إنطلقت في الخرطوم وعدد من الولايات مشيرين إلى أن الأمور يمكن أن تتطور ويمتد الرفض الشعبي لوجود البعثة لتنشأ مقاومة حقيقية أشبه بمقاومة المستعمر في عهود سابقة وهو أمر يجب أن يتفاداه الجميع بالخروج الآمن للبعثة قبل أن تحدث المواجهة.