عودة حمدوك.. إعادة إنتاج الأزمة
كشفت تقارير صحفية السبت عن معلوماتٍ جديدةٍ حول عودة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، وأكّدت أنّ رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أجرى لقاءً مع حمدوك بمقرّ إقامته في دولة الإمارات، الجمعة.
وحول إمكانية عودة حمدوك لرئاسة الوزراء، ألمح المصدر إلى أنّه لم يتمّ حسمها بعد.
وأشارت صحيفة الحراك السياسي بحسب مصادرها، إلى أنّ حمدوك لم يبد موافقته أو ممانعته للعودة مجدّدًا وكثر الجدل كثيراً من خلال وسائل الإعلام المختلفة بشأن عودة حمدوك والتي يراها كثيرون ردة إلى الخلف وإعادة إنتاج الأزمة والفشل وتتصادم مع رغبة السواد الاعظم من الشعب السوداني بينما تستفيد منها فئة قليلة كانت مقربة منه وذات حظوة.
أجندة
ويقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي أحمد يوسف التاي ان المساعي الداخلية والتحركات الدولية والإقليمية الرامية لإعادة حمدوك إلى السلطة لها أجندة وغايات مختلفة ، وكل جهة ترى في حمدوك وسيلةً لتحقيق أهدافها ، فالاتحاد الأوروبي يرى في دعم حمدوك دعم للتحول الديمقراطي والدولة المدنية حتى لايظهر أمام الرأي العام الأوربي متناقضاً بين المباديء والشعارات والواقع،فضلاً عن أجندة أخرى لاتزال محل تساؤلات وشكوك ، وهذا الأمر ينسحب بنسبة كبيرة أيضاً على الولايات المتحدة الأمريكية ، غير أن الإدارة الأمريكية توازن دائماً بين المصالح بشكل اساسي وحاسم وبين دعم الحريات والديمقراطية ظاهرياً لتثبيت الصورة الذهنية لدى الرأي العام الداخلي والخارجي، ومن هنا يأتي دعمها الظاهر لحمدوك ، والخفي للشركاء العسكريين لتحقيق أجندة لايمكن للمدنيين تحقيقها كالتطبيع مع اسرائيل مثلاً…والشركاء العسكريين وفي ظل حاجتهم الماسة لتسيير دولاب الدولة والتعاون الدولي والمساعدات الخارجية يرون في وجود حمدوك بينهم استمرار للدعم الخارجي..
زيارة روسيا
ويضيف التاي انه ثمة أمر آخر لابد من قراءته في هذا السياق وهو أن زيارة نائب رئيس مجلس السايادة إلى موسكو في تلك الظروف التي شهدتها الزيارة حملت الغرب وحلفائه وأصدقائه من العرب للتحرك باتجاه عودة حمدوك بصلاحيات أوسع وسلطة أقوى حتى يستطيع (فرملة) الهرولة إلى روسيا، وقال إن أن أجندة هذه التحركات الداخلية والخارجية متعددة الأغراض والأجندات ، والكل فيها يمدح ليلاه، وأضاف الناي أمريكا والغرب لايريدان لحمدوك الإنفراد بالسلطة وحده كما لايريدان لقادة الجيش أن يسيطروا على مقاليد السلطة بمفردهم، وفي هذا الأمر ظاهرياً هو تنفيذ الوثيقة الدستورية التي تقول بشراكة العسكر والمدنيين، لكن واقع الحال هما يريدان إبراز دعم حمدوك ليتسق ذلك مع شعارات الغرب وأمريكا في مساندة المدنية والديمقراطية، وفي نفس الوقت يتمسكان بشدة بالجانب العسكري لإنجاز أمرين الأول مهم للإتحاد الأوروبي وهو قطع الطريق أمام سيول المهاجرين إلى القارة العجوز ، والثاني مهم للأمريكان ومراكز القوة الصهيونية واللوبيات اليهودية في أمريكا وهو التطبيع مع تل أبيب.
حزب الأمة يرفض
وقلل عضو المكتب السياسي بحزب الأمة القومي امام الحلو من عودة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وقطع ان عودته لن تضيف للمشهد ولن تقدم ولن تؤخر.
وشدد الحلو في تصريح لـ(الجريدة) على ضرورة البحث عن شخصية وطنية جديدة تستطيع مواكبة التحديات والصعوبات بالبلاد .
وذكر الحلو ان حمدوك عندما سارع بتقديم استقالته في وقت سابق، هذا يعني أنه لا رغبة لديه لخدمة الوطن، وأكد ان البلاد تعج بالكفاءات المتميزة مما يتطلب البحث عن رجل آخر على حد قوله، وراى أن ذلك افضل من عودة رئيس الوزراء السابق.
عودة غير مرحب بها
عدد من الاحزاب السياسية أعلنت رفضها عودة حمدوك واعتبرت الأمر عودة للأزمات السابقة ومن بينها أحزاب الحرية والتغيير الميثاق الوطني وحركات الكفاح المسلح التي شاركت بموجب سلام جوبا ومعلوم حجم الخلاف بينه والحركات حيث اشترط عدم اشراكها في حكومته الأخيرة ويرون أن عودته تعني خروج الحركات من المشهد وربما عادت لحمل السلاح وبالتالي فشل اتفاق السلام، ويرى مراقبون انه حتى الأحزاب التي كانت متحالفة معه كحاضنة سياسية ترفض عودته وتصفه بالضعف وقال القيادي بالحرية والتغيير حيدر الصافي أن بعض أحزاب الحرية والتغيير تطمع في منصب رئيس الوزراء لقياداتها.
يتضح من خلال الافادات وتعليقات الأحزاب والمراقبين والمحللين السياسيين أن هنالك إجماع تام على رفض عودة حمدوك من جديد لرئاسة الوزراء ويعتبرونها لا تمثل إرادة السودانيين ولا الحل السوداني المطلوب لأن الأطراف التي تدعم عودته هي أمريكا والاتحاد الأوروبي والبعثة الأممية وأطراف إقليمية غير مهتمة بإستقرار السودان.
وصاية
وقال الدكتور عادل التجاني أن عودة حمدوك مرفوضة لأنه ليس لديه مايقدمه وقد فشل فشلاً زريعاً في كل الملفات وحتى الاقتصاد كان التدهور مريعاً وقال ان أصدقائه الغربيين لم يقدموا له شي سوى الوعود الكذوبة والروشتة المدمرة في ادارة الاقتصاد والتي احالت اقتصاد السودان إلى خراب وقال إن الأخطر من كل ذلك أن سيناريو عودته هذه المرة عنوانه الأبرز الوصاية الدولية التامة ونبه إلى أن ذلك سيشكل خطراً على القوات المسلحة وعلى استقرار السودان ككل وقال إن القوات المسلحة وقيادة مجلس السيادة عليها الانتباه جيداً لهذه السيناريوهات حتى لاتقع في الفخ وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء بقراءة خاطئة مشيراً إلى أن وجوده في الحكومتين السابقتين لم يمثل إضافة ولم يكن مفيداً مثلما يروج لذلك بعض المستفيدين من وجوده وقال إن عودته تمثل الخطر الأكبر على بقاء البلاد موحدة ومستقرة وأكد التجاني أن الحل يجب أن يكون سودانياً وبالداخل او التعجيل بالانتخابات والا فلن يضمن اي احد السيناريوهات المتوقعة والقادمة والتي ربما تطيح بكل من يتواجد في المشهد الحالي أو تقود لمواجهات تؤثر على وحدة السودان واستقراره .