جمال عنقرة يكتب في (تأملات) .. الدكتور عمر الجزلي والسفير محمد الياس.. هناك شئ ما

تداولت الوسائط الإعلامية، لا سيما الإلكترونية رسالة لوم وعتاب كتبها الحبيب الغالي الفنان المبدع الخلوق الخلاق ابن عمنا الدكتور عمر الجزلي، يعاتب فيها حكومة السودان بصفة عامة، والسفارة السودانية في القاهرة بصفة خاصة، وبصفة أخص صديقنا الحبيب وصهرنا الكريم السفير محمد الياس رئيس البعثة الدبلوماسية السودانية في مصر، ومندوب السودان الدائم في جامعة الدول العربية، لعدم زيارتهم له، أو حتى الإتصال به، وهو قد أتي إلى قاهرة المعز لدين الله الفاطمي مستشفيا قبل نحو ثلاثة شهور، نسأل الله أن يمن عليه بالصحة والعافية، وأن يعيده إلى بلده وشعبه، ومحبيه سالما شافيا، لا جراحة ولا مشرط، ببركات النبي الكريم وأولياء الله الصالحين اوتاد أرض مصر الطاهرة.
وقبل الحديث عن الأزمة التي شغلت حيزا كبيرا، أعتقد أنه أكبر من حجمها، ولا بد أن هناك شئ ما جعلها تبلغ هذا المبلغ العظيم، لا بد أولا من حديث عن صلاتي وعلاقاتي بالرجلين العظيمين الحبيبين الغاليين السفير محمد الياس والدكتور عمر الجزلي، وهي العلاقات والصلات التي وضعتني موضع المسؤولية الشخصية في هذه الأزمة، فصلاتنا بآل الجزلي قديمة وعميقة متجذرة، ومتشعبة، فعمنا المرحوم محمد عثمان الجزلي والد الحبيب عمر، كانت تربطه صلات قوية مع والدنا المرحوم المهندس عز الدين النور عنقرة منذ أيام صباهما بواكير القرن الماضي في أم درمان، ثم تجددت وتوثقت بعدما سافر عمنا محمد عثمان إلى مدينة تندلتي تاجرا، وانتقل والدنا إلى مدينة أم روابة مهندسا لمياه ريفي شرق كردفان، التي كانت تمتد حتى تخوم تندلتي، وكان عم محمد عثمان لا يغادر أم روابة عندما يأتيها لأمر ما دون أن يمر علي والدنا في المجلس أو المنزل في حي الموظفين، وعمنا عبد الحميد الجزلي المقاول المشهور تزوج أختنا زينب خضر في الأبيض، وانجب منها إبنه عادل، ولما انفصل عنها تزوجها ابن خالتنا الأستاذ عثمان عوض، وكان عادل الجزلي يرحمه الله وثيق الصلة بأمه وبنا جميعا، وكان ابن عمتنا الفنان الموسيقار الأديب الشاعر الفنان الدكتور عبد الكريم الكابلي يرحمه الله قد تزوج شقيقة عمر أختنا عوضية الجزلي، وأقول الكابلي ابن عمنا ذلك أن حبوبته الشريفة خديجة بت الأرباب كانت آخر زوجات جدنا الأمير النور عنقرة في القضارف.
اما صديقنا السفير محمد الياس فأقول صهرنا لأنه متزوج من أختنا ماجدة مهدي عبد المنعم، وعلاقتنا بآل مهدي عبد المنعم علاقة عمر في عروس الرمال أبو قبة فحل الديوم، وعلاقات كردفان لها خصوصيات لا سيما العميق منها ومتجذر، وأذكر مرة قلت لابننا المهندس الدكتور خالد سيد أحمد عوض الكريم، أن زميله في كلية الهندسة جامعة الخرطوم النور جابر بشير ابن اختي، قال لي خالد “ود أختك عديل، ولا أخوة كردفان؟” وعلاقتنا مع ال مهدي عبد المنعم التي تمتد لأكثر من نصف قرن من الزمان، تكاد تصير علاقة “أهل عديييل كده”، وأذكر قبل نحو ثلاثة شهور عندما كان زواج كريمة السفير محمد الياس في القاهرة، عندما علم الأخ رشاد مهدي بسفري للقاهرة للزواج ألغي سفره، وقال لي “خلاص انت ممثلنا هناك” ولما جاءت لحظة الترحيب بالضيوف اجمعت الاسرتان أن أتحدث باسميهما رغم وجود أشقاء لزم لوالدي العروسة.
فلما قرأت رسالة أخي دكتور عمر كنت أكثر الناس شقاء بها، فهي تمسني من الناحيتين، تمسني لو طابق ما ورد فيها الحقيقة كما هي، أو لم يطابقها، فاتصلت أولا بأخي الدكتور عمر، ونقلت له أسفي لما حدثت، ثم اتصلت بأخي السفير محمد الياس لمعرفة ملابسات ما حدث، وانا اعلم أن ما حدث لا يشبه ابو الياس من قريب أو من بعيد، فاخبرني محمد الياس أنه علم بالصدفة بوجود الدكتور عمر الجزلي في القاهرة مستشفيا، وأخبره بذلك الزميلان العزيزان وليد بسيوني وزوجته ندي يونس، وطلب منهما أن يحضرا له رقم الدكتور عمر، وفعلا ذلك، وحاول الإتصال به مرارا وتكرارا، ولكنه لم يرد، ويبدو أن ذلك صادف أيام جلسات العلاج المكثفة التي خضع لها دكتور عمر، ولم يكن يتعامل مع التلفون، ولقد عانينا كثيرا في قروب “أوتار الليل” في التواصل معه، وكان يظهر حينا بعد حين يطمئننا علي صحته، ويعتذر عن عدم قدرته علي التواصل معنا.
ومثلما وجدت العذر للسفير محمد الياس، بما ذكر، وبما أعرفه عنه من التزامات تجعله في كثير من الأحيان عاجزا حتى عن الوفاء حتى بمسؤوليات أسرية مهمة، ولقد لاحظت ذلك أيام التحضير لمراسم زواج ابنته الأخيرة، حيث لم يجد فرصة لمعاينة الصالة، ولم يرها إلا مع المعازيم يوم الفرح، أجد العذر كذلك لأخي دكتور عمر في غضبه، فعمر الجزلي بما قدم وأعطي يستحق أن يقوم له السودان كله، ويقف تعظيم سلام، لهذا الرجل العظيم، ثم أن ما تعرض له الأخ عمر في الفترة الأخيرة من جحود، ونكران، من أشخاص كان فضله عليهم عظيما من بعد فضل الله تعالي، يحق له أن يغضب لابسط شئ، وعمر ليس في حاجة لشئ من أحد، فلقد أعطاه الله حتى اغناه، وأفضل ما أعطاه نجابة الأبناء ونجاحهم، وبرهم واحترامهم، والحمد لله كثيرا، نسأل الله لهم الحفظ والصون، ونسأله لنا وله، ولاخينا السفير محمد الياس الستر في الدنيا والآخرة.