(تأملات) .. جمال عنقرة ..الحج والعمرة .. الخير علي قدوم الخلفاء
قبل الدخول في الحديث عن المؤتمر الصحفي لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، والمجلس الأعلي للحج والعمرة الذي تم فيه إعلان إجراءات حج هذا العام ١٤٤٣ هجرية، أستهل بالطرفة التي بدأت بها الحديث في المؤتمر، وهي قصة الأخ الجنوبي الذي قام صديق له باستئجار عجلة ليلية، والليلية كان إيجار للعجلة بعشرة قروش يستلم فيها المؤجر العجلة مساء، ويردها صباح اليوم التالي، فصديق الجنوبي هذا أجر العجلة، ثم باعها في تلك الليلة بثلاثة جنيهات، والقي القبض عليه بعد فترة، وقدم إلى المحاكمة، فحكم عليه القاضي بشهر سجن، فلما سمع صديق هذا، ذهب، وأجر عجلة ليلية، وباعها فورا بجنيهين فقط، وجاء من الصباح أمام محل العجلاتي، وجلس ينتظر حتى تم فتح المحل، فلما سأله العجلاتي عن العجلة اخبره أنه باعها، فساقه إلى قسم الشرطة، وفتح بلاغ في مواجهته، واعترف أمام الشرطة بسرقة العجلة، فتم تحويله إلى المحكمة، فلم يكلفهم عناء البحث والسؤال، فجدد إعترافه بسرقة العجلة، فحكم عليه القاضي بستة شهور سجن، فقال ساخرا ومستهزئا، ومستنكرا، “وااا شهر واحد بس”
وعلي ذكر قصة هذا الأخ الجنوبي، كنت حتى قبل قليل كلما يسألني شخص عن التكلفة المتوقعة لحج هذا العام، أقول له أن تكلفة الحج ظلت ثابتة لسنوات طويلة جدا بالريال السعودي، فهي تتراوح ما بين سبعة الآلاف وثمانية الآلاف من الريالات السعودية، وتتغير كل عام بتغير سعر صرف الريال مقابل الجنيه، الذي ظل كل عام يرزل، ولما أعلنت هذا العام نحو ستة عشر ألف ريال، أوشكت أن أقول قولا علي وزن ما قاله أخي الجنوبي، وأقول للسيد الوزير “واااا تمانية ألف بس” لكنني استدركت سريعا، وتذكرت ما قدم به من مبررات، لهذه الزيادة، اقواها مضاعفة بعض الرسوم في المملكة العربية السعودية، فعلي سبيل المثال أن رسوم الخدمات ارتفعت من نحو ألف ريال فقط، إلى ما يقارب الستة الآلاف، والتاشيرة التي كانت مجانا، صارت بثلاثمائة ريال، وغيرها كثير، وهنا تذكرت ما نقله لنا بعض أهلنا واصحابنا الذين يسر لهم الله عمرة شهر رمضان المعظم الماضي، ومنهم شريكة حياتنا السيدة أم خالد، الأستاذة نجوي عوض الكريم حمزة، وملك ملوك وكالات السفر والسياحة أخي علي إدريس صاحب وكالة الأوائل المشهورة، فلقد صرفت حكومة خادم الحرمين الشريفين مليارات الريالات من أجل التيسير لزوار بيت الله الحرام، ولتلافي أي أضرار يمكن أن تصيب الحجاج من الزحام، ومهما دفع الناس لن يغطوا ما دفعته حكومة المملكة من أجل راحة حجاج بيت الله الحرام، ثم زالت دهشة الرقم عندي تماما وتلاشت، عندما عقدت الأخت الدكتورة زينب السعيد مقارنة بين تكلفة حج هذا العام، المفروض علي المسلم مرة واحدة في العمر، وبين صالة أفراح لقضاء ليلة واحدة، يسميها البعض ليلة العمر، فوجدت أن هذا المبلغ لا يساوي شيئا مقابل حج مبرور، ثوابه جنة عرضها السموات والأرض، ويعود بعده الإنسان نقيا كيوم ولدته أمه.
رغم انصاريتنا الموروثة والمعتقة، إلا أن الشؤون الدينية والأوقاف ارتبطت عندي بالختمية والخلفاء، ولعل ذلك كان سببا في تعزيز كسر حدة نفورنا التاريخي من الختمية، وكان الفضل الأول في كسر هذه الحدة إلى زميل دراستي في المرحلة الأولية في مدرسة أم روابة الغربية، أخي بكري سر الختم، وابن اخته صديقي أمين، الذي هو البروفيسور محمد الأمين حمزة، مدير جامعة البحر الأحمر الأسبق، حيث كسرا الحدة بامرين حبيبين، الفتة، وأولاد حاج الماحي، ثم تعزز ذلك في العام ١٩٨٣م، عندما اختارني الخليفة البروفيسور يوسف الخليفة أبو بكر اول وزير للشؤون الدينية والأوقاف بعد تطبيق الشريعة الإسلامية، مديرا لتحرير مجلة البيان التي كانت تصدرها الوزارة، وكان قد رشحني له صديقي وأخي وشيخنا الحبيب الشيخ عبد الجبار المبارك رئيس التحرير، وشيخ عبد الجبار رغم أنه سماني، لكنه كان قريبا وحبيبا للختمية لا سيما السيدين محمد عثمان وأحمد نجلي السيد علي الميرغني، وكانا قد اختاراه مديرا لإدارة الدراسات والبحوث في مصرفهم “البنك الإسلامي السوداني” وبعد تفرغ الشيخ عبد الجبار، ولمجمع ومدارس عباد الرحمن، خلفه في رئاسة التحرير الخليفة الدكتور سر الختم عمر الحسن.
وعندما فكرنا في تنظيم رحلات جماعية للصحفيين والإعلاميين للحج والعمرة في مركز عنقرة للخدمات الصحفية، ووفقنا بحمد الله في تنظيم خمس رحلات ثلاث منها للعمرة، واثنين للحج، كان أغلب الرعاة والشركاء في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وإدارة الحج والعمرة، كانوا من الخلفاء، الخليفة الدكتور عمار ميرغني، والخليفة العمدة أبوبكر، والخليفة علي شمس العلا، وكان معهم جميعا حاضرا في السعودية قنصل الحج والعمرة الخليفة أحمد سر الختم الخضر، وساعده الأيمن الخليفة عبد الرحيم الصديق، ولما بعث لي إبننا المثابر عبد العزيز الصادق دينمو إعلام وعلاقات عام الحج والعمرة، عندما بعث لي ببطاقة دعوة المؤتمر الصحفي للحج ممهورة بتوقيع الخليفة أحمد سر الختم، ولم أكن أعلم قبلها أنه صار امينا للحج والعمرة، اطمأن قلبي، ليس لخلفيتة الخلفاء وحدها التي قد لا يري أهل الظاهر لها تلازما منطقيا مع النجاح في هذا المجال، ولا لأن الوزير نفسه السيد عبد العاطي أحمد عباس، ود خلفاء، رغم سنيته، لكنني وجدت أيضا في السيد أحمد سر الختم، ما وجدته في والي الخرطوم الأخ أحمد عثمان حمزة، وكنت قد راهنت علي نجاح أحمد عثمان، من نجاح تجربته في محلية أم بدة، التي عمل فيها أكثر من عشر سنوات مديرا تنفيذيا، والذي ينجح في أم بدة لا بد أن ينجح في الخرطوم الولاية، ومن غرائب الصدف أن ذات الفترة التي كان فيها أحمد عثمان مديرا تنفيذيا لمحلية أم بدة، كان فيها أحمد سر الختم، قنصلا للحج والعمرة في السعودية، ومن ينجح في إدارة الحج والعمرة في السعودية، لا بد أن ينجح في إدارة الحج والعمرة في السودان، وما نجاح الحج والعمرة، إلا بنجاح ادارتهما في السعودية، وازددت اطمئنانا عندما وجدت أن كل الحرس القديم، العالمين بخبايا الإدارة، والعارفين لدروبها قد عادوا إلى مواقعهم سالمين، وأذكر علي سبيل المثال لا الحصر، بعض من شاهدتهم في المؤتمر الصحفي، أو سمعت عنهم خيرا، الأخوة محمد عبد الوهاب، وعلي الحدقنو، وأمير جماع، ومحمد عبد الجبار، وأبو مدين، وأبو ذر، وبقية العقد الفريد، ونتوقع بإذن الله تعالي أن يكون حج هذا العام مميزا، بتميز ما تم له من إعداد وترتيب، كما أعلن السيد الوزير السيد عبد العاطي أحمد عباس، والأمين العام السيد أحمد سر الختم الخضر.