محمد قسم السيد … يكتب فى (هذا ما حدث) .. حوار الوثبة فى نسخته الثانية
التجربة السودانية ،فى التوافق السياسى، اثبتت ان (الحوار بمن حضر) ،لا يزيد المشهد إلا تعقيدا، و لا يؤدي إلا لمزيد من الانقسام ،وتباعد المواقف و التأزيم ،فهو حوار للترويج الاعلامي ،اكثر من كونه خطوة فى الإتجاه المفضي الى حلول يتوافق عليها ،ذات أثر فى واقع بلادنا ،و(بمن حضر) ، العنوان الابرز، الذي يلفت الانتباه للمتابع لبداية الحوار السودانى سودانى ،برعاية الالية الثلاثية ،كل الوجوه التى شاركت فى الجلسة الافتتاحية ،هى ذات الوجوه التى شاركت نظام الانقاذ السلطة حتى سقوطه ،ونفس الوجوه التى شكلت حضورا، فى منابر حوار الوثبة ،و اعتصام الموز ،و نفس الوجوه التى شاركت فى تجمع (مناوى – جبريل ) ،وهى نفس الوجوه التى صنعت عشرات التحالفات السياسية، لدعم 25 أكتوبر ، لذلك من الضروري طرح سؤال ، ما هى القضية التى تستوجب إطلاق حوار سياسي ،تشارك فيه اطراف متوافقة اصلا ؟ ثم بالمنطق ان كان كل هولاء الحضور متوافقين، وسمن على عسل ، اين الرافضين لانقلاب 25 اكتوبر ؟ ولماذا الحوار ؟
اهم مطلوبات نجاح الالية الثلاثية فى مسعاها، ان لا يبدأ حوار الا بمشاركة الاطراف المؤثرة فى المشهد، الاطراف التى عارضت وتعارض كل الاجراءات التى اوقفت البلاد فى محطة الازمة ، الا اذا انكرت الالية الثلاثية تأثير احزاب سياسية مثل الامة و الشيوعى، و تأثير قوى الحرية والتغير ،و اتحاد المهنيين ،و لجان المقاومة ، و القوى المدنية ، الاطراف التى تقود المعارضة ضد السلطة القائمة، اما كيف مشاركة تلك الاطراف، فهذا متروك لكيف الاستجابة للشروط الموضوعية ،التى لا يمكن باى حال تجاوزها كخطوة تأسيسية ، مثل وقف الانتهاكات ضد المتظاهرين السلميين و التحقيق الشفاف فى مقتل المتظاهرين منذ 25 اكتوبر ، المطالب التى تجاهلتها الالية، و اختارت المضى فى الحوار المباشر، دون ان تضع من الاليات ما يتناسب وحجم الازمة السياسية ، الالية الثلاثية بتجاهلها للاطراف الاخرى ، ستفقد مصداقيتها وحيادها المطلوب كمسهل ،ثم فشل الحوار يقود الى فشل اى سيناريو معد مسبقا لما بعد الحوار ، و هذا يعنى استمرار الازمة ،وربما التصعيد الى اعلى سقف ،مما يعنى ان حوار الالية الثلاثية وسع و عمق من حجم الازمة السياسية الراهنة ، بدلا من حل الازمة، ثم الحوار بشكله الذى بدأ به يرفع من سقف الاحباط الشعبي ،عن ماذا بعد الحوار ،الذى يبدو انه سينتهى قريبا جدا ،بتوافق عريض ، على اختيار رئيس وزراء وحكومة مدنية، و توافق على اجراء انتخابات مبكرة، وكلا الامرين ،يعنى صب المزيد من الزيت ،على نار الازمة، على يقين ان الالية الثلاثية ،تعلم تماما، ان من جلسوا للحوار المباشر، ليس هم اصحاب القضية ، وليس لهم وزن فى الشارع السودانى ،وليس هم من يمتلكون مفاتيح الحلول …