(دلالة المصطلح) .. وقيع الله حمودة شطة
مشروع الكهرباء الدائرية بجنوب كردفان الفرص والتحديات..
المنطقة الشرقية المحليات الثمانى( العباسية تقلى، رشاد، أبو جبيهة، التضامن، أبو كرشولا، قدير، تلودي، والليري) بولاية جنوب كردفان من أغنى مناطق الولاية والسودان بالموارد الطبيعية والبشرية المتنوعة، وهي كنز وخزانة عظيمة لموارد العمود الفقري في الاقتصاد السوداني، ممثلا في الزراعة المطرية، والذهب، والصمغ العربي، والغابات والبساتين، إضافة مشروعات حصاد المياه في مجال السدود والبحيرات، لطبيعة المنطقة الجغرافية المتميزة، التي جمعت بين الجبال والهضاب والوديان والخيران الضخمة المنحدرة من مناطق مرتفعة مطلة علي وديان وقيزان شاسعة منبسطة، ذات طبيعة تشجع علي سدود وبحيرات شبه طبيعية قليلة تكاليف الصناعة ، وتلك مشروعات لم تنتبه لها الدولة بعد.
ومن المشروعات الإستراتيجية والعظيمة التي بشرت بها الدولة منذ أيام إقليم كردفان (تلودي ثم الأبيض) وولاية جنوب كردفان بعد تأسيسها في العام 1994م مشروعي الطريق الدائرى، والكهرباء الدائرية بولاية جنوب كردفان الحالية – المنطقة الشرقية- المحليات الثمانى المذكورة أعلاه، ومشروعا الطريق الدائرى والكهرباء الدائرية يمثلان الحلم الأكبر، وأشواق المستقبل الزاهر، التي لم تر النور بعد ، رغم المحاولات الرسمية العديدة عبر سياسات تخطيط مشروعات البنية التحتية للتنمية المستديمة، والمحاولات الشعبية عبر فكرة النفير الذاتية، التي حققت نتائج باهرة، لكن تبددت تلك الجهود، نتيجة خزلان الإرادة السياسية للدولة لها منذ أكثر من أربعين عاماً، وهي فترة تجاوزت عمر جيل كامل !
بالأمس كسرت حكومة ولاية جنوب كردفان حاجز الصمت والعجز الرسمي، ورمت بحجر عملاق في بركة مشروعات البنية التحتية الساكنة والمتوقفة منذ فترة طويلة، خاصة مشروع الكهرباء، وقصة مشروع الخط الناقل للكهرباء القومية الدائرية، التي بدأت فكرتها باكراً، وكان مخططا لها أن تبدأ من مدينة أم روابة مروراً بمدينة العباسية مدخل المنطقة الشرقية من الناحية الشمالية، وتمتد حتي الليري جنوباً، ثم تتجه غرباً حتي كادقلي، ثم تتجه في الإتجاه الشمالي الغربي حتي مدينة (لقاوة) آخر محطة لفكرة الطريق والكهرباء الدائريين، لتحقيق مخطط فلسفة اقتصادية شاملة لولاية جنوب كردفان، ومن ثم السودان من بعد ، وذلك من واقع الأهمية الإستراتيجية، والاقتصادية، والحضارية لتك المناطق التي يمر بها مشروعا الطريق الدائرى والكهرباء الدائرية.
قلت قبل قليل أستطاعت حكومة ولاية جنوب كردفان بقيادة الوالي (الصفوفي) موسي جبر محمود كسر حاجز الصمت، عندما وقعت عقدا مع شركة (هارموني) بقيادة مديرها العام المهندس (محمد عيسي أتيم الدومة) وبحضور السيد المدير العام لوزارة المالية والقوي العاملة بولاية جنوب كردفان الأستاذ محمد الأمين عبد الرحمن أبو نصيب، الذي مثل مع فريقه الفني والإداري العقل المخطط والمنفذ لخطوات العقد والمشروع الأولية. حيث ظلت الولاية والمنطقة لأكثر من ثلاث سنوات عاجزة عن تمويل مشروعات التنمية علي مستوي التمويل الذاتي والإتحادي معا، نتيجة تداعيات أزمة الفترة الإنتقالية السياسية والاقتصادية والأمنية.
مكتب متابعة أعمال ولاية جنوب كردفان بالخرطوم بقيادة كوكبة من الضباط الإداريين المهرة بقيادة الطاهر حامد إبراهيم، ومريم مصطفي حميدان، والطاقم الإداري والفني والإعلامي بقيادة المخضرمان ياسر مختار ومها محمد حسين، والزميل الإعلامي عبد الوهاب أزرق لازم أعد مراسم حفل التوقيع بصورة جميلة دشن بها مقر المكتب الجديد بمنطقة المعمورة عند تقاطع شارع جوبا مع شارع الستين غرباً… توقيع عقد الكهرباء الدائرية في مرحلتها الأولى، التي تبدأ بمدينة العباسية، وهي البداية الطبيعية، لتمتد إلي المحليات الأخري داخل الشرقية، خاصة أبو جبيهة التي تمثل العاصمة الاقتصادية للولاية، إضافة إلي مثلث الذهب فى جنوب المنطقة، ومحلية التضامن ( وكرة – الترتر) الكنز غير المكتشف بعد…
حيث شهد يوم أول أمس الخميس الموافق الثاني من يونيو الجاري للعام 2022 حفل التوقيع وسط حضور نوعي شمل حكومة ولاية جنوب كردفان، وفريق الشركة الفائزة بالعطاء بقيادة مديرها العام، وحشد إعلامي كبير من الأخوة والأخوات الزملاء الإعلاميين والصحافيين بمختلف مؤسساتهم ووسائلهم، إضافة إلي وفد من أعيان مدينة العباسية تقلي بولاية الخرطوم بقيادة المقدم (م) شرطة عبد الباقي آدم علي، والمهندس آدم عبد الصمد، والأستاذ إسماعيل فرح، ونخبة من شباب مدينة العباسية تقلي جاءوا إلي الخرطوم من أجل حضور هذه المناسبة المهمة.
التكلفة الكلية للمشروع بلغت 1،518،425،698 واحد مليار، خمسمائة وثمانية عشر مليون، أربعمائة خمسة وعشرون ألف، وستمائة ثمانية وتسعون جنيه، يعني ما يزيد عن ترليون ونصف ترليون جنيه سوداني… والي جنوب كردفان الأستاذ موسي جبر محمود وصف لحظة التوقيع باللحظة التاريخية، وقال شعارنا كهرباء الشرقية تبدأ من العباسية، ومن سار علي الطريق وصل، وهنا تكمن ملامح البشارة السارة للمنطقة الشرقية، ثم أثني السيد الوالي علي جهود الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة، الذي وقف علي خطوات هذا المشروع، والجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة المالية والتخطيط الاقتصادى الإتحادية بقيادة الوزير الدكتور جبريل إبراهيم، ووكيل أول الوزارة عبد الله إسماعيل، ووزارة العدل ممثلة في المستشار معاوية أبو قرون، الذي سرع حركة العمل الفني والعدلي، ومدير عام وزارة المالية والقوي العاملة بالولاية، الذي عمل في صمت وعسكر طويلاً بالخرطوم من أجل المهمة، وشكر الوالي المستشارة حواء جديد كباشي، التي وصفها بأنها تعمل متطوعة، وشركة هارموني الشريك في تنفيذ المشروع، وبشر الوالي موسي جبر أن الولاية وضعت خطة عمل لتنمية متوازنة في الولاية بين شقيها الشرقي والغربي، وأكد ربط الكهرباء بالطريق الدائري من خلال اتصالات تجري بين حكومة الولاية ووزارة الطرق والنقل، والهيئة القومية للطرق والجسور، لإستئناف العمل في الطريق الدائري، وقد تم تحديد الشركة المنفذة، وبشر الوالي بتأهيل طريق الأبيض الدلنج، وسفلتة طرق داخل بمدينة كادقلي حاضرة الولاية.
السيد أبو نصيب مدير عام وزارة المالية والقوي العاملة بالولاية أثني علي جهود مجلس السيادة، ووزارة المالية الإتحادية، ووزارة العدل، والمستشارين، وقال سعدنا بهذا العقد، والوزارة تعتبر هذه الخطوة خطوة أساسية لتغيير الوضع الاقتصادي، وأكد أن التنفيذ سيكون فوراً، قبل أن تمنعه دموعه من مواصلة الحديث، حيث بدأ متأثراً باللحظة بصفته العريس المتوج.. وفي سؤال طرحته علي السيد محمد عيسي أتيم مدير عام شركة (هارموني) حول السقف الزمني لإنجاز المشروع، والبداية الفعلية في العمل، وقوة الخط الناقل، وهل للشركة استعداد لمواصلة العمل نحو المحليات الأخري؟ أجاب المهندس أتيم أن مدة تسليم المشروع (4) شهور، وأن البداية ستكون بمجرد سداد وزارة المالية الإتحادية للقسط الأول، وتسليم مسار الخط الناقل من قبل وزارة الطاقة والكهرباء، وقال قوة الخط الناقل (33) فولت، وأن للشركة استعداد تام لمواصلة العمل في الخط لو قدر لها ذلك، حتي محطة لقاوة، وناشد مدير الشركة كل الأطراف ببذل الجهد بالتعاون المستمر.. من جانبه قال المقدم معاش شرطة عبد الباقي آدم علي باسم جماهير مملكة تقلي الإسلامية نعلن دعمنا الكامل للشركة المنفذة بتعاون كامل، وأثني علي جهود حكومة الولاية، ومكتب المتابعة علي إعداد حفل مراسيم التوقيع…. ومن المشاهد البارزة الحضور الأنيق للسيد الضابط الإداري ابن العباسية المهموم بقضاياها جنابو جعفر القاسم، الذي حرص علي الحضور مبكراً، وتابع بإهتمام مراسم التوقيع، وطائفة من شباب العباسية، الذين بدأت عليهم سمات الفرحة، ويبقي مهماً أن نشير إلي أهمية إلتزام شركة (هارموني) بالجدول الزمني، وإلتزام وزارة المالية والتخطيط الاقتصادى الإتحادية المالي وفقاً لبنود العقد، واستمرار توجيهات مجلس السيادة، ومتابعة وإشراف حكومة الولاية، ونعتقد ستكون هناك نقلة كبيرة بوصول التيار الكهربائي إلي مدينة العباسية فى النهضة الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والإنتاجية، تمثل حصيلة فرص كبيرة، ونأمل أن يستفيد المجتمع – وهنا حاجز التحديات – من هذه البنية التحتية المهمة، لتلحق مدينة العباسية تقلي بركب المدن المتطورة، سيما وأن للمدينة صفات تاريخية وحضارية عريقة ممتدة في المستقبل البعيد.