أعمدة

محمد احمد مبروك يكتب في (سطور ملونة) .. غلبها راجلها دقت حماها .

بدون حياء أو شيء من الخجل نفشت أوروبا ريشها واستأسدت ، واجتمعت وشغلت وقتا ثمينا لدبلوماسيتها لتوجه موقف السودان من أزمة أوكرانيا !!!
بالله ديل ناس عاقلين ؟؟يعني موقف السودان هو القندول الذي (شنقل الريكة) ؟؟
لا لم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل أن السفراء المعتمدين لدى السودان من دول الاتحاد الأوربي عقدوا إجتماعا مع وزير الخارجية .. تصور كلهم جاءوا ولم يتغيب أحد بسبب المرض او أن زوجته في الوضوع او عندهم مناسبة أو عزاء .. كناية عن الأهمية القصوى للقاء .
يا لعظمة السودان .. فقد سلموا الوزير ورقة إدانة جماعية لروسيا لأنها غزت أوكرانيا ولبيلاروسيا لأنها أيدت أمها روسيا .
قبل أن نقول (ونحنا مالنا ومالهم) نمضى لنسمع العجب العجاب في لقاء الغطرسة والإستعلاء حيث استفسروا في صيغة الإستجواب عن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة لروسيا .. وقبل أن نقول (انتو مالكم ومالنا نزور روسيا أو كوريا الشمالية) نمضي لنسمع ماهو أعجب في إجتماع هولاء المستبدين مع وزير خارجيتنا ، حيث أن (كبير إخوانه) هذا روبرت فان دول يدعو السودان للإنضمام لمجموعة الدول هذه .. ياربي قبلونا أعضاء في حلف الناتو ام الإتحاد الأوروبي ؟ وان يدين (بعبارات واضحة) الموقف الروسي .
لكن الأشد عجبا قول روبرت دلدول هذا (نتوقع باهتمام كبير موقف السودان في الأمم المتحدة وأن دول الإتحاد الأوروبي تعتمد على السودانى لإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا في جميع المحافل الدولية . وأن الإتحاد الأوروبي يحث السودان على مطالبة روسيا بوقف هجومها والإنسحاب من أوكرانيا !!!!
لا أصدق أن هؤلاء الناس (جادين) . الإتحاد الأوروبي كان يرى السودان دولة ليست ذات أهلية وهي تحت الوصاية الدولية وخصصوا لها مفوضا يحل مشاكلها الداخلية ويفهم أحزابها وحكومتها ماذا تفعل . ما الذي جرى ليصبح السودان في مكانة الدولة الأولى التي تعتمد عليها أوروبا لإدانة روسيا ويمثل موقفه في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الثقل الذي يرجح الموازين بل ويحثونه أن يطالب روسيا بالإنسحاب وكأن روسيا هي السامع المطيع للسودان ..
هل فهمت الٱن القيمة الحقيقية لزيارة حميدتي لروسيا .. هل أدركت أن هذه الزيارة قلبت موازين إستراتيجية القارة العجوز وزعيمتها غرب الأطلسي تجاه السودان . هل لاحظت أن السودان حين يتعامل بإرادة حرة وبذكاء يكون دولة مرهوبة الجانب وذات وزن كبير ؟؟
وأن الغرب أسد على الضعاف والجبناء فقط ويملي إرادته على الخانعين والمنبطحين .
أعجبني وزير خارجيتنا السفير على الصادق بقوله أن الزيارة كانت مخططة قبل الأزمة الأوكرانية لتطوير علاقات البلدين .
السر الحقيقي في التغيير الجوهري للموقف الأوروبي هو أن الأوروبيين علموا أنهم خسروا أوكرانيا ورفعوا يدهم عنها لتواجه مصيرها مع روسيا . ولا يريدون أن يخسروا السودان الذي بات على مرمى حجر من قبضة هيمنتهم ، وهو مفتاح مهم في أفريقيا والعالم الثالث عموما . وتمثل موارده الركن الاساسي لمستقبل الإقتصاد العالمي .
وهو بهذا الموقف سيكون قدوة لغيره في تحرير القرار .
اوروبا أثقلتنا بفوائد الديون واتخذتها أداة لإبتزازنا وتطويعنا .
أوروبا حجبت عن شعب السودان دعمها ومساعداتها في أحلك الظروف ومنعت منا إبان الحصار حتى الأنسولين وأدوية الأطفال بينما لم يؤثر حصارها في سلطة البشير وزمرته وظلوا (يتضرعوا) في كل أنحاء العالم !!
أوروبا تدخلت في شؤوننا الداخلية ليس فقط بما يجافي الأعراف الدبلوماسية إنما بما يتنافى مع الإنسانية والأخلاق . ولم تعاون السودان عبر استخباراتها العاتية في وقف سيل المخدرات والجريمة المنظمة وتجارة البشر . بل إنها متهمة بالضلوع في كل ذلك ودعم الكيانات المشبوهة التي فعلت ذلك .
اوروبا وزعيمتها بعد أن سقط نظام البشير لم تطلق يد الإستثمار الأوروبي نحونا ولم تقبل إنشاء المشروعات التي نحن في أشد الحاجة إليها .
وعندما توجهنا إلى دولة أخرى بحثا عن مصالحنا جن جنونهم وكأننا محكوم علينا أن نبقى تحت ربقة العبودية لهم يقتلنا الفقر ويسحقنا التخلف .
لكن برافو للسلطة السيادية وبرافو لوزارة الخارجية بهذا الإنضباط السياسي والدبلوماسي وانضباط الخطاب الذي إتسمت به الزيارة .
لكن المؤكد أن ما يجري في روسيا وأوكرانيا شؤون تخص الدولتين وأن السودان لن يزيد على أن يدعو الاطراف للتهدئة والحوار .
ومهم التمسك بمبدأ أننا أحرار في اتخاذ الموقف الذي نراه (نحن) وليس الإتحاد الأوروبي لأننا لم ننضم حتى الٱن للإتحاد الأوروبي أو حلف الناتو .
أخيرا ماذا يعني لو أننا تبعنا اوروبا وتبنينا موقفها أو حتى أصبحنا أعضاء في حلف الناتو ..سيخذلوننا كما خذلوا أوكرانيا وسيتخلون عنا مثلها .
انت قلت لى الإتحاد الأوروبي دحين أدان أثيوبيا عندما إحتلت الفشقة أو أدان مصر عندما إحتلت حلايب ..؟.

محمد أحمد مبروك

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى