تأملات جمال عنقرة حوار غندور عفراء .. وكتاب العمال السيرة والمسيرة
عندما تكاثرت أسئلة الدكتورة عفراء فتح الرحمن للبروفيسور إبراهيم غندور في حوار العيد المشهور عن الإتحاد العام لنقابات عمال السودان، قال بروف غندور إلى دكتورة عفراء “أحيلك إلى كتاب الأستاذ جمال عنقرة عن سيرة ومسيرة العمال في السودان” وقبل الحديث عن هذه الإحالة التي سعدت بها كثيرا، لا بد من الوقوف أولا عند الحوار الذي كانت سعادتي به أكثر، فلقد أكد الحوار تميز شخصين عزيزين جدا – غندور وعفراء – وأثبتا به أنهما بلا منافس، ولا حتى مقارب في مجالهما، ولقد اطمأنت قلوب كثيرين أن ساحة سياسية من فرسانها البروف غندور لن تخرب بإذن الله تعالي، وقد أثبت غندور أنه سياسي وطني من طراز فريد، “فات الكبار والقدرو” أما عفراء فهي النجمة التي كلما سطعت “سطعت تاني” وقدمت دروسا في فنون الحوار، وأرجو أن يكون قد استفاد منها بعض الزملاء – غفر الله لهم – الذين يتوهمون أن التميز في التقديم يكون بالاثارة التي قد تصل حد الوقاحة، وقدمت عفراء درسا خاصا لبعض الزميلات – هداهن الله – يؤكد لهن أن الأدب زينة، والجمال فطرة وليس صنعة، ولا بد من همس جهير بهذه المناسبة في اذن الدكتورة عفراء لتخرج من عباءة حوارات المناسبات، فمساحة عفراء لا يملؤها إلا عفراء، ولعل هذا القول يحفزها، ويحفز من يعنيهم الأمر، وهم يعلمون، وأذكر عندما سألني أحد عن حوار غندور عفراء قلت له “حديد لاقي حديد”
وبالعودة إلى كتاب “عمال السودان.. السيرة والمسيرة” الذي أصدرته في شهر أغسطس عام ٢٠١٩م، وكان قد أوحي لي بفكرته أخي البروفيسور إبراهيم غندور قبل أعوام من كتابته، حينما أن كان رئيسا لإتحاد العمال، أكتفي في هذا المقال بنشر جزء من مقدمته، علي وعد أن أنظم مدارسة له في الأيام القريبة القادمة بإذن الله تعالي أدعو لها بعضا من الزملاء الصحفيين والإعلاميين، مع عدد من القيادات النقابية العمالية، لتكون هذه المدارسة فرصة للوقوف عن بعض ملامح هذا الكيان الشامخ الذي افتقده الوطن كثيرا في محنته الماثلة، وصدق من قال “في الليلة الظلماء يفتقد البدر” واتحاد عمال السودان بدر الساحة السودانية كلها بلا مقارب.
ومما جاء في مقدمة الكتاب “صلتي بالحركة النقابية العمالية توشك أن تبلغ الأربعين عاما، وهي قد تجاوزتها الآن، فلقد بدأت منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي في عهد حكم مايو، وأتاحت لي هذه الصلة الطويلة الممتدة الوقوف علي كثير من معالم تاريخ الحركة النقابية السودانية، والتعرف علي كثيرين من رموزها وقياداتها، بمن في ذلك الذين كانوا سابقين لهذه الفترة، والذين عاصروها، وهي أسماء يصعب حصرها، ونذكر منهم علي سبيل المثال بعض المخضرمين أمثال، موسي متي، والحاج عبد الرحمن، ومحمد سلام وعبد الرحمن عباس، وعباس الخضر، ونصر قناوي، ومحمد عثمان جماع، ويوسف أبو شامة، وعبد الرحمن قسم السيد، وحسن محمد علي، ومحجوب الزبير، وتاج السر عبدون، وعبد اللطيف الأحمر، وهاشم محمد البشير، وغيرهم، ولقد استعنت في هذا الكتاب ببعض المؤلفات والبحوث والمقابلات مع بعض قدامي النقابيين…. وفكرة هذا الكتاب أوحي لي بها الأخ الصديق البروفيسور إبراهيم غندور عندما كان رئيسا لإتحاد العمال، وحرضني علي ذلك، ودعا مجموعة من الرواد والموثقين، والعارفين لتاريخ الحركة النقابية، وجمعني بهم، وهؤلاء يعود لهم الفضل من بعد الله تعالي في توفير أكثر مادة هذا الكتاب ومراجعتها، ومنهم الجنيد أحمد محمد صالح، وتاج السر شكر الله، وعبد الرحمن قسم السيد، أما إصداره ونشره فلقد دفعني له دفعا أخي المهندس يوسف علي عبد الكريم، رئيس الإتحاد الحالي، حفظا لتاريخ الحركة النقابية العمالية في السودان، ليكون إضافة إلى المكتبة النقابية الذاخرة بأسفار عظيمة….. ويتناول هذا الكتاب الملامح الأساسية للحركة النقابية السودانية ابتداء من انطلاقتها الأولي في ثلاثينيات القرن الماضي علي عهد الإستعمار عندما كانت مجرد حركة مطلبية محصورة، وكان ميلادها في مدينة الحديد والنار عطبرة، وتعتبر هئية شؤون العمال أول كيان نقابي، وكان قد دعا لها مجموعة من خريجي المدارس الصناعية، أبرزهم سليمان موسي، والطيب حسن، وقاسم أمين….. ويستعرض الكتاب التشريعات النقابية السودانية ابتداء من العام ١٩٤٨م وحتى العام ٢٠١٠م، وبين العامين صدرت قوانين لنقابات العمال في الأعوام ٦٠، ٧٠، ٧١، ٨٧، ٩٠، ٩١، و٢٠٠١م…. ويتطرق الكتاب لوحدة الحركة النقابية ومكتسباتها في عهد الوحدة، ويولي اهتماما خاصا لفترة ما بعد وحدة الكيان، وقيام الإتحاد العام لنقابات عمال السودان، وهي الفترة الأكثر ثراء، كما يتناول أيضا بعض إنجازات هذه المرحلة في جوانبها التشريعية والاقتصادية، بالإضافة للدور الوطني للإتحاد…… ويعتبر الكتاب بما أتيح فيه من معلومات مهمة توثيقا دقيقا للحركة النقابية العمالية في السودان، مع التركيز علي الفترة من العام ١٩٩٢م، وحتى العام ٢٠١٦م”