لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب في (قيد في الأحوال ) . التكريم أثناء الخدمة غير مقبول أيها المسئول !!
النفاق كلمة مأخوذة من النفق ، وهو الفتحة التي يجري عبرها الماء تحت الارض . والنفاق الإداري هو التقرُّب للمسئولين ومحاولة إرضائهم بشتى السبل ، وهو موجود في معظم دول العالم ، المتقدمة والنامية ، وهو من السلوكيات السلبية ، لكن القوانين واللوائح لم تحدد له العقوبات لصعوبة إثباته، عكس الرشوة واستغلال النفوذ وقبول الهدايا والإكراميات وغيرها.
وفي ظل هذا الجو العكر ، هناك أشخاص اعتادوا على النفاق ، ولهم مهارات وقدرات عالية في هذا الجانب ، بل منهم من يرفعه شعاراً علنياً، ودون حياء مثل مقولة ” الظّرِف بالظّرِف”! ليصلون لأهدافهم ومراميهم و”ظروفهم”! ، وساعدهم في ذلك بعض المسؤلين الذين يسعون للشهرة والثبات في كرسي المؤسسة ، وقد يكون من يمارسون هذه العملية من داخل المؤسسة، وقد يكونوا من حولها . وفي الغالب الأعم تتمثل صورة النفاق الإداري في تكريم المسئول أثناء الخدمة ، وما يترتب عليها من تقديم هدايا ثمينة قيِّمة ! . ، قد يعقبها رد جميل من المسئول في تسهيلات يقدمها لاحقاً ، من ترقية، أو نقل لموقع مميّز ، أو تمرير تصديق دون استحقاق ، الأمر الذي يؤثر سلباً في العمل العام ، ويُكرِّس للفساد الإداري الممنهج . لا بأس إن كان الإحتفال بنقل المسئول من موقع لآخر ، لأنه لن يكون له أي ارتباط إداري بمن داخل المؤسسة أو من حولها.
وحتى يكون المسئول متجرِّداً للعمل بكل حياد ، يجب ألا يجري خلف هذه الإحتفائيات ، سيّما في هذه الظروف السيئة والبلد المنكوبة ، ويجب عليه وبكل عزة وأنفة أن يرفض التكريم أياً كان شكله، فهو فَخ أُعِدّ له !، فالتكريم هو تقييم من المجتمع للمسئول… وبعد إنتهاء خدمته ، إن كان فعلاً قد أدّى أداءاً يستحق التكريم ، وتكريم المسئول مقدّماً، وقبل إنتهاء فترة خدمته هي مدعاة للسخرية !.
أكتب اليوم وبحسرة شديدة، وقد حملت الأنباء هذا الصباح ، أنّ وزيراً تم تكريمه أمس الثلاثاء في احتفال مهيب ، وتسلّم سيارة “أفانتي” ومبالغ مالية من منسوبيه ، والمؤسف أنّ السيارة تم شراؤها من مبالغ اُستقطِعت من أجور أولئك المنسوبين، بواقع خمسة ألف جنيه من كل موظف !.إنْ صدق الخبر ، على هذا الوزير إعادة العربة “الهديّة” فوراً لأسطول عربات الوزارة المعنية، فهي أحوج لها ، وتسليم المال لخزينة الوزارة ، وعليه ، وبمحض إرادته تسليم نفسه للشارع بالإستقالة . ولانشغال الدولة بنفسها، تحمل أنباء أخرى أنّ جهات أخرى تعكف على تكريم مسئول آخر أثناء الخدمة ! .
يحدث كل ذلك الإنحلال الإداري في ظل مجلس وزراء مكلّف قرابة العام ، ودون مجلس تشريعي رقابي ، ولا يضير وزراؤه ذلك في شيئ طالما أنهم يُقضّون مُدّة… تمر من خلالها أيام و”تتعدّي” و “يقعدوا يحسبوا في المدة” دون محاسبة ورقابة !! ولطالما أنهم مكلّفون .
وشتّان بين التكليف والتعيين !.
والله المعين
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
14 سبتمبر 2022