حمى التنافس علي توقيع الاعلانات والمواثيق السياسية دليل انعدام التعافي وتعميق الواقع السياسي المأزوم بالبلاد
لاحظ المراقبون للشأن السياسي السوداني العودة المحمومة للتنافس بين التيارات والاحزاب والكتل السياسية حول الاعلانات السياسية والتوقيع عليها بين عدد من الكتل والاجسام في الساحة السياسية بصورة تدعو للدهشة تماما؛ مثلما مرت موجة “موضة” المبادرات السياسية في الفترة الماضية بين هذه التيارات والاجسام المختلفة حيث اصبحت القوى السياسية وكأنها في مارثون للمبادرات! بما جعل الساحة السياسية اشبه ب”الباذار الكبير” لعرض هذه المبادرات السياسية! وهي الان فيما يبدو تتجه أيضاً لفصل آخر “جديد” من التوقيع علي المواثيق والاعلانات السياسية! حيث تخرج علينا في كل صباح مجموعة ما وهي تتأبط رؤية خاصة في الشأن السياسي؛ لتعلن عن توقيع ميثاق فيما بينها للمعالجة الشاملة لقضايا الوطن! وتكتفي باعلانها كحقيقة مطلقة تنتظر من الاخرين التوقيع عليه بالموافقة والإقرار! وكما هو واضح من واقع الحال ان حمّى التنافس علي توقيع الاعلانات السياسية بين التيارات والكتل والأجسام المختلفة لم تنتج حكومة! وانما زادت من تعقيدات الازمة السياسية بالبلاد؛ بل اصبحت تمثل حالة أشبه بالتدافع بين الصبية! حينما تصيبهم الغيرة من بعضهم البعض؛ وهم في لهوهم بعد انصرافهم من يوم دراسي طويل ومرهق!فهل يصبح التوقيع علي الاعلانات السياسية مابين القوى الحزبية مدخلا جديدا للتنافس والصراع والتشاكس في الساحة السياسية بالبلاد؟ مابين توقيع قوي التوافق الوطني والمبادرة السودانية وتياراتها السياسية علي اعلان سياسي تمهيدا لتشكيل حكومة مدنية لانهاء الازمة السياسية بالبلاد! وبين توقيع لجان المقاومة علي ميثاق سلطة الشعب؛ لتأسيس حكومة الشعب المدنية التي يريدون! هل يتوقف تناسل الاعلانات السياسية؟ ام تشتد حدة الصراع السياسي فيما بينها؟ وبالتالي كماهو معلوم تطول معاناة الشعب الصابر؛ الذي رزء برموزه السياسية وتياراته الحزبية! التي لم تلتفت يوما لما يعيشه من معاناة؛ وتردي في اوضاعه المعيشية وندرة في تلبية احتياجاته الضرورية! ليبرز التساؤل الذي ظل حاضرا علي الدوام؛ وفي ظل هكذا انقسام عميق وسط المجتمع السوداني؛ هل تستطيع تياراته السياسية وهي علي هذه الحال من التشظي والاختلاف والتنافس والصراع، ان تعمل علي تحقيق ادنى توافق وطني؟ من اجل معالجة الازمة السياسية والفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد؟ يرى الخبراء وكل مراقب للشأن السياسي الداخلي بالبلاد؛ ولكل هذه الاشكالات البارزة علي السطح، ان ازمة البلاد تكمن ليس في افتقارها للمزيد من المبادرات؛ او الاعلانات السياسية؛ والمواثيق الدستورية؛ وانما في عدم قدرة التيارات السياسية علي التوافق؛ لانعدام رؤية موحدة لاستكمال المسار الديموقراطي بالبلاد! وليس في زيادة عدد المبادرات او الاعلانات الدستورية؛ التي اصبحت كثرتها نتاج للازمة الحقيقية؛ واحد تجلياتها الماثلة؛ ودليل لعدم تعافي الحياة السياسية بالبلاد؛ وانها حتماً؛ سوف تذهب جميعها ادراج الرياح كسابقاتها! اذا انعدمت الرؤية الموحَّدة؛ وارادة التوافق؛ والنظر لمصلحة البلاد الوطنية العليا؛ بعيدا عن الاجندات الحزبية الضيقة؛ وحظوظ النفس “الأمَّارة” التي اضرت بالبلاد والعباد!