لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب في “قيد في الأحوال” .. عودة د. حمدوك هي إنتحار سياسي!! إلّا إذا…..
في ليلة الثاني من يناير 2022 ، تقدّم رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك باستقالته من رئاسة الحكومة ، وفي كلمة ألقاها عبر التليفزيون القومي ، قال أنه حاول بقدر استطاعته أن يجنِّب البلاد خطر الإنزلاق ، ورغم ما بذله كي يحدث التوافق المنشود والضروري، للإيفاء بما وعد به المواطن من أمن وسلام وعدالة وحقن للدماء.. ولكن ذلك لم يحدث .
هكذا كانت خلاصة مسبِّبات إستقالته. ونقول كان بقاء الرجل في منصب رئيس الوزراء في ذلك الوقت مستحيلاً ، خاصةً بعد اتفاق الشراكة الذي وقّعه مع قائد الجيش ، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في العشرين من نوفمبر 2021، وخصم من رصيده السياسي القصير ، ذلك الاتفاق الذي لقي رفضاً واسعاً من قِبَل قوى الحرية والتغيير ، ومازال، وكذلك رفضاً من تجمع المهنيين السودانيين ، الذي وصفه بأنّه “خيانة لدماء الشهداء”، وأكّد أنه “مرفوض جملة وتفصيلا “.
مضى على مغادرة د.حمدوك السودان ، عشرة أشهر ، وحتى الآن لم يُعلَن عن تسليم وتسلُّم رسمياً لإخلاء طرفه ، كما هو معهود ! … كل ما حدث إستقالة ومغادرة إلى الأمارات.. وصمت مريب، لم يعلِّق فيها على أحداث مريرة مضت تحت الجسر ، وفوق الجسر !.
تواترت الأخبار أمس بعودة الرجل رئيساً لمجلس الوزراء ، حيث كشفت تقارير صحفية عن تشكيل حكومة كفاءات وطنية الأسبوع المقبل ، وأنّ الحكومة سيتم الإعلان عنها على “رغبة المجتمع الدولي والإقليمي وبعض الفاعلين في الداخل” ! .
إنّ ما تواتر من أخبار عن عودة د. حمدوك في نظر كثير من المراقبين، يدعو للغرابة ! ، فذات الأسباب التي دفع بها د. حمدوك باستقالته مازالت ماثلة ، بل ازدادت تعقيداً ! ، حين فقد حاضنته السياسية “قوي الحرية والتغيير” ولجان المقاومة ، وأنّ المشهد السياسي أكثر إنقساماً وتعقيداً، فبالإضافة للوضع المعيشي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، تشهد البلاد إضرابات في أسواق القضارف وكسلا والجزيرة وشمال كردفان وغيرها .
عموماً ، إنْ صدق الخبر بعودة د. حمدوك التي لم يفصح بها هو شخصياً حتى الآن ، فسيكون الرجل أمام موقف عصيب لا يُحسد عليه ، سيّما وقبل أيام قلائل عاد إلى السودان أحد قيادات المؤتمر الوطني المحلول ، والخصم السياسي اللدود لثورة ديسمبر ، د. محمد طاهر إيلا ، آخر رئيس وزراء لحكومة الإنقاذ ، وتم استقباله استقبال الفاتحين، وأيّاً كان المستقبلون ، “شعوباً أو قبائل” ، فهم الذين تتكوّن منهم الدوائر الإنتخابية التي سيترشّح فيها “إيلا”.
في تقديرنا ، حالة واحدة يمكن أن تجعل د.حمدوك يوافق بمنصب رئيس الوزراء، ويعود …… هي إذا ضمن خروج مريديه له بمطار الخرطوم ، ويستقبلونه إستقبالاً ، على الأقل يوازي استقبال “إيلا”، إن لم يكن أكثر منه شعبية ! .
خلاف ذلك ، فإنّ عودة د. حمدوك وموافقته على رئاسة مجلس الوزراء مرّة أخرى، هي انتحار سياسي ليس إلّا !!
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
9 أكتوبر 2022