لواء شرطة م عثمان صديق البدوي ( قيد في الأحوال) .. ما بين “اللاءات الأصلية” و”اللاءات التايوانية”!
قمة اللاءات الثلاثة، أو قِمّة الخرطوم، هي مؤتمر القِمّة الرابع الخاص بجامعة الدول العربية ، والذي عُقِد في العاصمة الخرطوم ، في 29 أغسطس 1967، على خلفية هزيمة عام 1967، أو ما عرف بالنكسة . وقد عُرِفت القِمّة باسم (قمة اللاءات الثلاثة) ، حين كانت الخرطوم “بيت الحكمة العربية والمشورة والحسم” ، وخرجت القِمّة بإصرار على التمسك بالثوابت ، من خلال لاءات ثلاثة هي :
() لا صلح
() لا اعتراف
() لا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه .
وقد أجاز مقرّرات هذه القمة ، البرلمان التشريعي السوداني، وبالتالي أصبحت وثيقة ملزِمَة لدولة المقر ، السودان وعهد وعقد ، مالم يغير فيه مجلس تشريعي سوداني منتخب ، “إنّ العهد كان مسئولا “.
وتمر أكثر من خمسين عام على تلك “اللاءات الأصلية”، وتندلع ثورة ديسمبر التي أطاحت بحكم البشير ، وتكوين حكومة إنتقالية بشراكة بين “العسكريين” و”الحرية والتغيير” ، لكن هذه الشراكة لم تدم طويلاً ، بعد الذي حدث في 25 أكتوبر ، الذي سمّاه قائد الجيش “إجراءات تصحيحية” ، وسمّته الحرية والتغيير “إنقلاب عسكري”، وطالبت ، ولاستمرار الشراكة العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر ، لكن تغيَّر موقف الحرية والتغيير ، من المطالبة بالعودة إلى ما قبل إجراءات الجيش ، إلى رفض الشراكة مع العسكر ، ممثّلة في لاءات ثلاثة هي :
لا تفاوُض
لا شراكة
لا شرعية
وتمضي الأيام على ذلك الخلاف بين “الجيش” و”الحرية والتغيير”، وبشكل مفاجئ ينعقد إجتماع بين تحالف قوى الحرية والتغيير ، وممثلي الجيش ، وذلك بطلب من مساعدة وزير الخارجية الأمريكية “مولي فيي” لحل الأزمة ، برعاية الآلية الثلاثية المكوَّنة من الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي ومجموعة الإيقاد، لكن غاب عن ذلك الإجتماع تجمُّع المهنيين ، ولجان المقاومة . وتمضي الأيام ، والأزمة تشتد ! ، ومحاولة أخرى لاجتماع بين الفرقاء برعاية الآلية الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات ، وكان مقرراً انعقاده بمنزل السفير السعودي بالخرطوم ، إلّا أنّ ممثلي الجيش والحرية والتغيير قاطعاه لحضور طرف لم يكن مدعواً مسبقاً ! ، وانفض سامر الإجتماع.
وتمر الأيام والصراع يحتدم ، ويبلغ أقصى مداه ، ويجيئ في الخبر ، أنّ هناك مفاوضات تجري مابين رموز من ممثلي الحرية والتغيير “المجلس المركزي” والمكون العسكري ، لإيجاد صيغة تسوية تُجنِّب البلاد الإنهيار ، وأعلنها “فولكر” حين قال :”أشارك السودانيين الجو التفاؤلي”! ، ولم يمض على ذلك سويعات ، حتى نفاه “البرهان” أمام كبار الضباط ، في إجتماع القيادة نافياً ما يُشاع عن إبرام أي تسوية ثنائية.
وفجر اليوم حملت الأنباء ، أنّ إجتماعاً يُنتظر أن يلتئم مساء أمس السبت، بممثلين من “الحرية والتغيير” مع “البرهان”، وحتى الآن لم تفوح رائحة طبخه، و”شماره”!!، المهم إن كان هناك جديد “بدّيهو قيد في الأحوال” إن شاء الله.
عموماً… كل هذه المحاولات أعلاه ، أكّدت عدم التزام الحرية والتغيير بلاءاتها الثلاث ، حيث يقول الواقع أنّها آمنت بالشرعية، حين فاوضت ! ، ومازالت تفاوض !.
كل هذا يُذكِّرني بقصة ذلك الرجل، الذي طلّق زوجته “طلاق تلاتا”! ، وندم ! ، حيث لا ينفع الندم بعد طلقات اللاءات الثلاث ! ، المهم أنّ أخاه الكبير جاءه في المنزل وأخبره :” أنّ هناك فكي متساهِل في مثل هذه الحالات الشرعية ، وله حلول وسطية ، فلنذهب إليه لنجد فتوى برجوع زوجتك”، وفرح أخوه ، حين عاد إليه أمل برجوع زوجته ! ، وانطلقا لبيت الفكي ، وحكيا له، وأقنعاه بأنّ الزوج كان في حالة غضب . وبكل سهولة وتساهل أجاز لهما الفكي “الرجعة، وفي مسماها “!!! ورجعا ، ولم يصدِّقا !.. وأخبرا الزوجة بذلك … وصحبت زوجها لفراش الزوجية ! . وتسرّب الخبر ، وعلم بعض شيوخ القرية بذلك ، وذهبوا للفكي ، وأخبروه بأنّه قد حلّل حراماً ما كان ينبغي أن يُحلِّله !. وفي وقتٍ متأخِّر من الليل ، أسرع الفكي مهرولاً لمنزل أخ الزوج ! .. وقرع الباب مرّات ومرّات، والرعب يملأ جوانحه !… واستيقظ أخ الزوج من نومة عميقة، وفتح الباب ، ووجد الفكي في “وجهه”!.. وقال الفكي وهو يرتعد خوفاً :
“ياخي إنت قبيل جيتني ومعاك أخوك ، وأنا أفتيت ليك في مسألة، ما كانت صاح !”
وقال أخ الزوج :
“يعني شنو؟!”
قال الفكي :
“أعتبر طلاق تلات قايم”!
وقال أخ الزوج في تهكُّم شديد و”ضحكة” بسخرية !! :
“واللّهِ إنت يا شيخنا بتلعب لعباً ! ، ياخي الناس ديل من المغرب قفلوا بابهُن عليهم ، وطفوا نورهُم ! .. أمشي اقول ليهم شنو بعد ده ؟! “.
وقفل الباب في وجه الفكي قائلاً :
“أمِشْ شوف شغلتك!.. قالوك الشّرِع ده لِعِب هوْ” ؟!.
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
23 أكتوبر 2022