(أمل أبوالقاسم) .. بينما يمضي الوقت .. اياكم و(الانتقامية)
وسط لغط واسع واستهجان كبير من البعض، وانشقاق حول القبول والرفض، فضلا عن انسلاخ وتمترس من أطراف اصيلة في قوى الحرية ( نسختها الأولى). وسط كل ذلك وغيره وبعد مخاض عسير جدا تم التوقيع على الاتفاق الاطارى يوم الإثنين توطئة للتوقيع الأخير بعد معالجة عدد من الملفات، ومن ثم تشكيل الحكومة.
يحدث هذا وسط اشواك يضطر البعض المشي عليها للعبور بالبلاد فيما تظل فئات أخرى تصر على وضع مزيد منها في الطرقات بدواعى يمكن ان تذوب لو احكموا صوت العقل وقدموا كغيرهم تنازلات من اجل الوطن لا لأجل أفراد وكيانات حتى تنقضي هذه الفترة ونذهب لانتخابات تنهى هذه الجدال.
وحيث ان السيد رئيس مجلس السيادة ونائبه عقدا العزم على المضي في أمر التوقيع النهائي المفضي الى تشكيل حكومة انتقالية، وحيث ان الحكام هم انفسهم وجوه الأمس ولو من خلف ستار، وبعد (الجلطات) التي حدثت ابان حكمهم وانتهت الى موت سريري دبت فيه الروح مجددا، فاعتقد ان عليهم تقييم تجربتهم الفائتة وإجراء جرح وتعديل عليها حتى توائم الوضع الذي سقط لاسفل الدرك وما عاد لا الوطن ولا مواطنه يحتملون اقل توتر وزعزعة وهوج.
اعتقد ان التشزيب الذي قامت به مسبقاً والتنقيح الذي افرغ المؤسسات من كفاءات وغير ذلك من أمور معلومة لدينا و لديهم لا يحتاج لشرح وتذكير وحسنا ان بعضهم استدرك الأمر واعترف به كما صرح عضو مجلس السيادة السابق عضو لجنة التمكين الأستاذ محمد الفكي وهو يقدم وبأثر رجعي اعتذار للشعب، وحسنا فعل وهو يقدمه للشعب الذي يطحن بين رحى الساسة.
وعليه نتمن ان تنتقل الفترة القادمة من مرحلة الانتقام والتشفى الى البناء والتعمير وان يقتصر اداء القسم بأن يكونوا خداما للشعب.
هذا ما يلي العامة اما ما لحق الأجهزة الأمنية في تلكم الفترة فليس بأقل مما حق بالمواطن وكلاهما يرتبطان ببعضهما حيث ان الأخيرة هو أيضا في خدمة الشعب وقد صمدت وامتثلت لما حدد بشأنها ومع ذلك عانت ما عانت من تنمر وهجوم. سيما جهاز المخابرات العامة الذراع الأصيل في المنظومة الأمنية والذي بخلاف عمليات الاعتقال التي مارسها على طريقة مكره اخاك لا بطل وفقا لسياسة حكومة الإنقاذ وقتها، فقد قدم الكثير مما لا تخطئة عين ورغم الاستجابة لتحجيمه بحصر مهامه في جمع المعلومات فقط، ورغم تأثير ذلك على المسائل الأمنية الأمر الذي لم ينعكس سلبا ليس فقط على المواطن بل على افراده انفسهم ودونكم اولئك الشباب الواعد المثقل بالخبرات الذي قضى نحبه على يدي الجماعات الارهابية غدرا لقلة حيلتهم ولتقاطع الصلاحيات التي مكنت تلكم الجماعات، كذلك رغم إحالة الكثير من افراده تماشيا مع السياسات المعلنة وقتها الا انه ومع ذلك لم يركن ولم يستسلم، كيف لا وهو مؤسسة معتبرة معترف بها خارجيا وتتفوق على رصفائها في الخارج.
فقد احرز الجهاز تقدم ملحوظ في ملف الإرهاب، والاتجار بالبشر، ومكافحة المخدرات، فضلا عن أدوار كبيرة حققها الأمن الاقتصادي، والانفتاح الإفريقي الواضح الذي أسهم في تقدم العلاقات السودانية الإفريقية، والسودانية الاثيوبية، ولا يفوتنا ذكر تلك الزيارات المتبادلة بين مدراء الأمن لعدد من الدول، الى جانب الحدث الكبير والمشهود باحتضان الجهاز لمؤتمر( سيسا)، ومؤتمر اقليم البحيرات، وكذا تنفيذه لعدد من المبادرات المجتمعية والانسانية، والشراكات مع أجهزة الإعلام في تنفيذ ورش لعل آخرها ورشة (دور الإعلام في قضايا الأمن القومي)، ولعل هذا قيض من فيض المهام والخدمات التي قدمها الجهاز خلال الفترة الماضية.
السادة الحكومة المرتقبة. السودان في امس الحاجة لتوفير الغذاء والأمن تحديدا في ظل مهددات سابقة ولاحقة اعلنت عنها العديد من الأجسام، واعتقد ان الأجهزة الأمنية ابدت مرونة كبيرة فيما قرر بحقها بل ابدت ترحيبا كما فعلت الشرطة السودانية صبيحة الإعلان عن التوقيع الإطارى، ووعدت بالقيام بدورها كاملا وهو ديدن كل الأجهزة الأمنية التي يحتاجها الوطن بشدة كونها مؤسسات وطنية مسؤولة من سيادة الدولة وأمنها القومي، فبرجاء ومن أجل الاستقرار كفوا السنتكم وايديكم عنها فأنتم في أمس الحاجة إليها.
اكرر على القادمين التركيز على استقرار الفترة الانتقالية وحمايتها من كل ما من شأنه زعزعتها وحماية الأجهزة الأمنية إسوة بالتنفيذية، وعلى الإعلام الوطني التصدي لأي مغرض أو من تسول له نفسه النيل منها في ظروف بالغة الحساسية وخطاب الكراهية المتنامي يتغول على اي مساحة استقرار وينسفه، من الضروري ان رومتم استقرارا ان لا تعادوا الأمن، وتبعدوه من النزاع السياسي، وتجنب التشنج ونزعة الانتقام التي خصمت كثيرا من رصيدكم حتى من حلفائكم. حظ اوفر للفترة الانتقالية القادمة مع الأمنيات باسقرارها وإصابة نجاحات تدفع بالبلاد ولو قليلا للأمام بعد التراجع المريع الذى أضر بالمواطن العادي البسيط.