يوسف عبد المنان يكتب : حمدوك لاتطرق الأبواب فأهل الدار قد رحلو
لما كان شان إدارة السودان بيد غيرهم وانتقص الاستقلال وبات السودان تحت الوصاية الدولية وعاد الحكم للاجنبي من خلال تحالف رباعي وقد عاش أجدادنا تحت كنف الحكم الثنائي فأهل الشأن الذين يديرون أمر البلاد اليوم في مشاورات وطرح الخيارات التي يرونها تناسب السودان وتحقق لهم مصالحهم
ومنصب رئيس الحكومة المدنية القادمة اخذ نصيبه من مفاوضات جرت في العاصمة الإماراتية أبوظبي وفي لندن وخلال زيارة حميدتي للعاصمة المغربية وفي واشنطون وقالت المصادر الخاصة أن دولتي بريطانيا والإمارات العربية المتحدة اتفقا على إعادة الدكتور عبدالله حمدوك في منصب رئيس الوزراء باعتبار الرجل له تجربة قصيرة ولكنه أثبت كفاءة في تنفيذ وصفات صندوق النقد الدولي ومضى في تطبيق منهج التغير الشامل للمناهج التربوية بما يتوافق مع أهداف التغير الذي قادته بريطانيا وغدقت عليه المال وأنه اي حمدوك لايكبل خطاه حزبا ولا جماعة وله ثأر شخصي مع الجماعات الإسلامية لا في السودان وحده وقد غادر حمدوك الحزب الشيوعي عمليا وبات من قادة (النيو ليبرل) في السودان ربما استلهم هؤلاء اي الإماراتيين والبريطاني مقولة سفير الاتحاد السوفيتي في الولايات المتحدة حينما سأله وزير الخارجية الأمريكي عن موقف بلاده من مشاورات تجري حينها للتجديد للأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم فقال السفير السوفيتي (الحزاء القديم اريح للقدم من الحزاء الجديد)!!
والخيار الثاني المطروح لمنصب رئيس مجلس الوزراء تدفع به الولايات المتحدة الأمريكية وتشجعه فرنسا والمملكة العربية السعودية وهو خيار نصرالدين عبدالباري وزير العدل في حكومة حمدوك وهو رهان الولايات المتحدة باعتباره أكثر القادة شجاعة في تغير القوانين بالسودان وقد مضى الرجل في تغير القانون الجنائي الذي ينص على أحكام الشريعة الإسلامية وتبديل قانون المعاملات وتقديم قانون بديل للمعاملات المالية يلغي النظام المصرفي الحالي ويعود للنظام التقليدي الذي يقر المعاملات الربوية وتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يتوافق مع اتفاقية سيداو وموائمة كل قانون سوداني مع الاتفاقيات الدولية والمضي في التغير بخطى حثيثة ومابين حمدوك ونصرالدين عبدالباري ثمة تقاطعات هنا وهناك تجد مثلا شخصية مهمة في لعبة تشكيل المشهد السياسي مثل طه عثمان قريبا من عبدالباري وقد شارك طه الحسين وعبد الباري في كل الاجتماعات التي عقدها حميدتي في الرباط ويعتبر طه عثمان الحسين مهندس أبعاد حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي من المشاركة في السلطة القادمة وفي ذات الوقت تجد الإمارات العربية المتحدة مع عودة حمدوك لا دعم عبدالباري وإذا كان ثمة اعتبار لرؤية العسكر فإن حميدتي والبرهان مع عودة حمدوك
السؤال أين موقف قوي الحرية والتغير مما يجري؟؟
وهل تدعم اي من المرشحين ام تقدم مرشحا ثالثا؟؟ بالطبع لاتملك قوي الحرية والتغير إرادة الترشيح والاختيار بعيد عن القوى الإقليمية والدولية التي تفرض وصايتها على الجميع وفي كل الأحوال فأهل الدار قد رحلو ولم يعد لهم ذلك البريق كما في الأيام الأولى لسقوط الإنقاذ
وحكومة حمدوك أو عبدالباري وثالثهم مرشح حزب الأمة دابراهيم البدوي سيواجهون أوضاعا أكثر صعوبة مما واجهه حمدوك في حكومته الأولى فالقوي الدولية أمسكت بعنق قوي الحرية والتغير ولكنها لم تمسك بعنق الشعب السوداني وقد تبدت نوايا تفكيك الدولة القديمة ورمت القوى الدولية باهدافها بتفكيك القوات المسلحة من خلال مايسمى بإعادة الهيكلة والإصلاح وقد بلع قادة القوات المسلحة طعم الإصلاح الهيكلي وازعنوا حتى لتغير المناهج العسكرية عوضا عن إحالة الآلاف من ضباط الجيش والشرطة وكل جهاز الأمن الوطني الذي ربما أصبح الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل آخر مدير للجهاز بصورته الحالية والقوى الدولية غير منشغلة بفصل موظفي وزارة الرعاية الاجتماعية ووزارة العمل وموظفي محليات الكاملين وباو وشنقل طوباية ولكنها مشغولة بتفكيك الجيش والقضاء على التصنيع الحربي والتغلغل وسط الجنود وإفساد المجتمع العسكري المحافظ مثلما أفسد الشباب بالمخدرات والاباحية باسم الحرية
وقد سنت السكاكين واستلت السيوف وتم اختيار قاضي متطرف (ك ا خ) لمهمة تطهير القضاء من كل قاضي له استقلالية وليس له قابلية الازعان لما يتنزل عليه من السلطة
ولكن أمام رئيس الوزراء القادم القديم والجديد حمدوك مصاعب كبيرة فقوي الكفاح المسلح ممثلة في حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة لم تفلح القوى الدولية في اغرائهم أو استمالتهم أو تخويفهما وادخالهما بيت الطاعه الأمريكي الخليجي ومن مفارقات السياسية في هذا البلد العجيب أن قوى الكفاح المسلح ممثلة في الحركتين تحرير السودان والعدل والمساواة هما الأكثر دفاعا عن الجيش ورفضا لتفكيكة رغم أنهما خاضا ضده حروبا دامية وقد رفض مناوي وجبريل التخلي عن رفاق الدرب وبيع اردول وعسكوري بأي ثمن نظير منحهما مايريدان في كعكة السلطة وفي كل يوم يستبن للناس معدن هؤلاء القادة السمر المخلصين وقد تنامي تيارهم الديمقراطي وبات يشكل عقبة كؤؤد في مقابل قوي الحرية المركزية فكرا ومنهجا وقد اتسع التيار الديمقراطي لقوى الحرية والتغير لاستيعاب قوي عديدة والدخول في تحالف مع الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة مولانا الميرغني والقوى الإقليمية في الشرق والغرب وهي قوي يصعب تجاوزها في أي معالجة سلطة انتقالية
ويقف التيار الإسلامي العريض كمعارض فاعل لتشكل السلطة الجديد وإذا كانت القوى الإسلامية قد انتهجت في السابق سياسية الرهان على الفشل الذاتي وحصد فشلها فان القوى الإسلامية ربما تجد نفسها في خندق المواجهة العلنية ودفع ثمن ذلك باعتبار أن المرحلة المقبلة تقتضي الدفاع عن الوجود بعد أن كشفت القوى الدولية عن أهدافها
المعلنه بالقضاء على الإسلاميين ثقافة ومنهجا وسخوصا وسحلهم بقوة السلاح وسد الطرق المؤدية للانتخابات بزرئع عدم الاستقرار وحاجة القوى الحالمة بالسلطة للوقت
يوسف عبد المنان