بكري المدنى يكتب – أسرح مع فتحي الضو !
فتحي الضو كاتب مجيد متمكن الأدوات واسع الخيال -لا بل واسع جدا وللدرجة التى تجعل كتبه وكتاباته أقرب للروايات والقصص منها للوقائع على الرغم من انه يطرحها كمراقب وراصد للواقع !
* آخر رواية قصيرة للأستاذ فتحي الضو جاءت تحت العنوان (لماذا لم يحل جهاز الأمن والمخابرات؟)ولم تخرج عن الروايات القديمة والطويلة في ذات الموضوع الذي ألف فيه العديد من الكتب والكتابات !
* هى آخر رواية طبعا ولكنها لن تكون الأخيرة فمن المنتظر ان نقرأ للضو على ذات المنوال مع الأيام (لماذا لم تحل الشرطة ؟)و (لماذا لم يحل الجيش )وان شطح به الخيال وما عاد سيتحفنا برواية (لماذا لم يحل السودان ؟!)
* ان جهاز المخابرات العامة (جهاز الأمن -سابقا) في مخيلة فتحى الضو هو ذلك الجسم الأخطبوط والعنكبوت الأقرب منه للمافيا وعصابات الوطاويط من جهاز رسمي للدولة يخطيء العاملين فيه ويصيبون بمقدار ولكل من إصابته نصيب !
* في معرض ذمه للجهاز والذي طابق المدح قال فتحي الضو ان الجهاز قد تمدد حتى (صار دولة داخل دولة وقبض على مفاصل المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأسس جيشاً ثالثاً للسلطة، بعدة وعتاد لا ينقصه سوى سلاح الطيران) وذكر من نماذج ذلك ان الجهاز أصبح لديه فريق لكرة القدم واستقطب فنانين وكُتَّاباً وصحفيين ورجال من الطرق الصوفية دون ان ينسي ان يصور ان كل ذلك النشاط قد تم من خلال شراء الذمم !
* إذا اغفلنا الجانب الغريب ولا أقول المريض في خيال فتحي الضو والذي وضع الجميع تحت طائلة الإتهام فهل يذم جهاز للأمن تمدد في كل مناحي الدولة والمجتمع لتحقيق الأمن ام يمتدح ؟!
* إذا صدقنا ترهات الضو في أعمال ونيات الجهاز في السابق فما الذي يجعلنا نصدق ان كل من ذكرهم قد بلغ بهم الهوان ليكونوا عملاء بالمقابل ولقد شهدت حقبا في تاريخ الجهاز رجال ونساء من ذات المجتمع الكريم تحملوا التجاوزات بصدور وظهور عارية وسافرت بعض الأرواح إلى ربها طاهرة وما بدلت تبديلا؟!
* إذا كانت التنظيمات والأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات بل وحتى السفارات والمخابرات الدولية تسعى وسط مجتمعنا لتحقيق أهدافها فهل نعيب جهازنا الوطنى على انتشاره الراسي والأفقي وندعو مع فتحي الضو ومن يدعون معه إلى تحويله الى مجرد مركز للمعلومات فقط بعد ان كان قد تحول إلى جيش ثالث للسلطة لم ينقصه سواء سلاح الطيران حسبما قال ؟!
* لقد تحققت الخطة الأولى من دعوى الضو وتم تجريد الجهاز فعلا من قوته العسكرية ممثلة في (هيئة العمليات )فلم يعد جيشا ثالثا ولا رابعا ولا عاشرا في دولة الجيوش السودانية فما الذي خسرناه على مستوى الأمن في الأسواق والاحياء وعلى الطرقات وداخل البيوت من جراء ذلك وما الذي ننتظره من خسران مبين بإكمال خطة إضعاف الجهاز من خلال تجريده من موارده الإقتصادية وتحويله إلى مركز للإحصاء وراصد لحالة الطقس ؟!
* حتى المهام الأخيرة التى فصلها فتحي الضو للجهاز والتى تطابق هوى البعض وهي بعض جدول أعمال الجهاز المرسومة اليوم فهو يسأل مستنكرا عن المعلومات التى قدمها للجهاز التنفيذي حول الفيضانات وعمل الجمارك وغيرها ويسأل الضو لا لأن ذلك لم يحدث ولكنه يسأل ليكتب مثلما ادعى سابقا ان مصدر كتبه السابقة هو جهاز الأمن نفسه وحتى يتمكن فتحي من ذلك فإن المطلوب اما تسريب معلومات له كما ادعى سابقا أو ان يرفع إليه الجهاز نسخة من تقاريره التى يعدها للجهاز التنفيذي حتى يرضى ويكتب روايات جديدة !
* مثلما ان لكل رواية بطل ومثلما جعل فتحي الضو في السابق من الفريق محمد عطا والفريق صلاح قوش أبطالا لرواياته فإنه بحث ولم يجد غير المدير الحالي للجهاز الفريق جمال عبدالمجيد وان اكتفى في روايته الأخيرة بالكشف عن معلومة ظنها خطيرة وهي ان الغريق جمال كان في السابق قائدا للاستخبارات العسكرية في الجيش وكأن المطلوب في عهد الضو هذا ان يوضع على رأس الجهاز ناشط او خريج منظمة دولية أيضا وليس رجل استخبارات جاء من أحد أكثر المؤسسات الوطنية دربة ومسؤولية وانضباطا ؟!