الأمن الداخلي -قوات تاني ! بقلم بكري المدني
فى الوقت الذي تنص فيه الاتفاقيات السياسية (اتفاقية جوبا لسلام السودان والاتفاق الإطاري والحوار السوداني – السوداني بالقاهرة ) في الوقت الذي تنص فيه هذه الاتفاقيات على ترتيبات أمنية تقضي بإدماج قوات الحركات المسلحة والدعم السريع في القوات النظامية ممثلة في الجيش والشرطة والمخابرات العامة -في هذا الوقت تتجه السلطة لإنشاء جهاز جديد للأمن الداخلي !
في الوقت تشكو فيه وزارة المالية لطوب الأرض عجزها عن توفير مرتبات العاملين في الدولة وفي مقدمتهم المعلمين فإذا بجيش جديد يقف في صف خزينة وزارة المالية لصرف مستحقاته !
لم تمض حتى اليوم عملية إدماج القوات غير النظامية بشكل جيد والأصوات تعلو وتشكو من تعدد القوات وتجاوزاتها وصرفها فإذا بقوات جديدة على الطريق !
جهاز أمن جديد يعني قسمة الملفات القديمة مع جهاز المخابرات العامة ويعني إضافات جديدة في المباني والمواعين والمنقولات والعربات والمرتبات والنثريات!
مباني ومواعين ومنقولات وعربات تعني بنود صرف جديدة ومرتبات ونثريات تعني التزامات جديدة على ظهر وزارة المالية المنهك اصلا من الصرف العام وأوله الصرف الجاري على القوات النظامية وغير النظامية !
كل الصرف القادم على جهاز الأمن الداخلي -قيد الإنشاء -يأت لأجل ملفات من صميم اختصاصات جهاز المخابرات العامة مثل ملف الإرهاب والهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر والمخدرات وغيرها من الملفات ذات الطابع الإقليمي والدولي بإعتيار انها جرائم عابرة للحدود ومن اختصاص عمل المخابرات العامة ومن الخطل ان تؤول لجهاز أمن داخلي حديث التكوين !
لقد حقق جهاز المخابرات العامة خبرة كبيرة في الملفات أعلاه وحاز سمعة طيبة بين المخابرات الدولية فكيف تنزع منه مثل الملفات ويعهد بها لجهاز جديد بلا خبرة ولا علاقات في هذا المجال؟!
ان إبعاد جهاز المخابرات العامة المتخصص فى الجرائم الإقليمية والدولية وإشراك جهاز بديل للأمن الداخلي مع أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية اشبه ما يكون للعب بفريق هواة في دوري المحترفين الدوليين !
ليس سرا ان جرائم الإرهاب والمخدرات وغيرها هى فى الأصل لعبة مخابرات دولية وأسلحة مخابرات دولية وكان ولا يزال اضطلاع جهاز المخابرات العامة بها مثل الترياق والمضاد لها وفي حال اضطلاع الجهاز الجديد بها ستفتح ثغرة جديدة للاستهداف بدلا عن تمتين سد الثغرات القديمة !
أخيرا لا يفوت على صاحي ان جهاز الأمن الداخلي الجديد هو نتاج التدافع السياسي القائم وقيامه يعني ببساطة قيام (ميليشيا)جديدة!
ما بعد الأخير – ان كنا ننادي بجيش واحد وقوات شرطة واحدة ونعمل على ذلك من خلال برامج الترتيبات الأمنية فمن باب أولى ان ننادي ونعمل وتحرص على ان تكون لنا مؤسسة أمن (مخابرات عامة )واحدة وان نحافظ عليها متماسكة وقوية وقائمة على تاريخها العريق واى تفريط في وحدة وتماسك جهاز المخابرات العامة يعادل تماما التفريط في وحدة الجيش والشرطة ووحدة البلد من بعد