مقالات

*التحرى فى الجرائم المعلوماتية بقلم : المهندس اسماعيل بابكر

مع شيوع استخدام وسائل تقنية المعلومات وتزايد الاعتماد على نظم المعلومات وشبكات الحاسوب وفي مقدمتها الأنترنت ظهرت طائفة جديدة من الجرائم التي تستهدف المعلومات وبرامج الحاسوب كالدخول غير المصرح به إلى أنظمة الحاسوب والشبكات والاستيلاء على المعلومات أو إتلافها عبر تقنيات مختلفة منها الفيروسات وغيرها من وسائل التدمير المعلوماتي أو جرائم قرصنة البرمجيات والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية لمؤلفيها وجهات إنتاج هذه البرامج وشاعت أيضاً الجرائم التي تستخدم الحاسوب وشبكات الاتصال كوسيلة لارتكاب أنشطة جرمية تقليدية كالاحتيال عبر الحاسوب والتزويرباستخدام التقنيات الحديثة، هذا عوضاً عن طائفة جديدة من الجرائم استخدمت تكنولوجيا المعلومات كبيئة لها، كما في جرائم توزيع المحتوى غير القانوني والضار عبر مواقع الإنترنت وجرائم المقامرة والأنشطة الإباحية عبر الإنترنت أو استثمار مواقع الإنترنت كمخازن للبيانات الجرمية ومواضع لتنسيق أنشطة الجريمة المنظمة وجرائم غسيل الأموال الإلكترونية.تثير الآن تحديات بالغة في حقل أنشطة المكافحة وأنشطة التحقيق والوصول إلى مرتكبيها كما أثارت تحديات قانونية وفنية بشأن آليات مباشرة إجراءات التفتيش والضبط والتعامل مع الأدلة الإلكترونية المتعلقة بهذه الجرائم، وفي تحديد أولي يمكننا أن نتبين التحديات الرئيسة التالية في ميدان تحقيق وكشف جرائم الحاسوب والإنترنت
فهذه الجرائم لا تترك أثراً مادياً في مسرح الجريمة كغيرها من الجرائم ذات الطبيعة المادية كما أن مرتكبيها يملكون القدرة على إتلاف أو تشويه أو إضافة الدليل في فترة قصيرة.والتفتيش في هذا النمط من الجرائم يتم عادة على نظم الحاسوب وقواعد البيانات وشبكات المعلومات، وقد يتجاوز النظام المشتبه به إلى أنظمة أخرى مرتبطة وامتداد التفتيش إلى نظم غير النظام محل الاشتباه يخلق تحديات كبيرة أولها مدى قانونية هذا الإجراء ومدى مساسه بحقوق الخصوصية المعلوماتية لأصحاب النظم التي يمتد إليها التفتيش كما أن الضبط لا يتوقف على تحريز جهاز الحاسوب فقد يمتد من ناحية ضبط المكونات المادية إلى مختلف أجزاء النظام التي تزداد يوماً بعد يوم.وأدلة الإدانة ذات نوعية مختلفة فهي معنوية الطبيعة كسجلات الحاسوب ومعلومات الدخول والاشتراك والنفاذ والبرمجيات، وقد أثارت وتثير أمام القضاء مشكلات جمة من حيث مدى قبولها وحجيتها والمعايير المتطلبة لتكون كذلك خاصة في ظل قواعد الإثبات التقليدية إذن فإن البعد الإجرائي لجرائم الحاسوب والإنترنت ينطوي على تحديات ومشكلات جمة، عناوينها الرئيسة، الحاجة إلى سرعة الكشف خشية ضياع الدليل وخصوصية قواعد التفتيش والضبط الملائمة لهذه الجرائم، وقانونية وحجية أدلة جرائم الحاسوب والإنترنت
الجرائم ذات الصلة بالحاسوب، تتسم بحداثة أساليب ارتكابها، وسرعة تنفيذها، وسهولة إخفائها، دقة وسرعة محو آثارها. هذه الخصائص العامة تقتضي ان تكون جهات التحري والتحقيق بل والمحاكمة على درجة كبيرة من المعرفة بأنظمة الحاسوب وكيفية تشغلها، وأساليب ارتكاب الجرائم عليها او بواسطتها مع القدرة على كشف غموض هذه الجرائم وسرعة التصرف بشأنها من حيث كشفها و ضبط الأدوات التي استخدمت في ارتكابها والتحفظ على البيانات او الأجهزة التي استخدمت في ارتكابها او تلك التي تكون محلا للجريمة.وقد وجدت أجهزة الشرطة والتحقيق صعوبات جمة منذ ظهور هذا النوع المستحدث من الجرائم سواء في كشف غموضها او اجراء التفتيش والضبط اللازمين او التحقيق فيها على نحو استدعى إعداد برامج تدريب وتأهيل لهذه الكوادر من الناحية الفنية على نحو يمكنها من تحقيق المهمة المطلوبة منها وبالكفاءة المطلوبة
ويمكن للمجني عليه في هذه الجرائم التي يقدم خدمات كبيرة لرجال الشرطة، او لسلطة التحقيق، فما يقدمه لرجل الشرطة من معلومات، تحقق فائدة كبيرة في معرفة طبيعة الجريمة التي وقعت واساليب إرتكابها، والأدوات المستخدمة في إرتكابها، والاشخاص المشتبه فيهم، وبواعث الجريمة، وما إذا كان هناك شهود أم لا.
خصوصية الجرائم المعلوماتية تستدعي بأن يتم تطوير أساليب التحقيق الجنائي وقد كانت المواكبة مع الجريمة شي مهم جدا وإجراءاتها بصورة تتلاءم مع هذه الخصوصية، وتمكن رجل الشرطة، والمحقق من كشف الجريمة، والتعرف على مرتكبيها بالسرعة والدقة المطلوبه
ولتحقيق ذلك يجب من ناحية تدريب الكوادر التي تباشر التحريات والتحقيقات مع الاستعانة بذوي الخبرة الفنية المتميزة في هذا المجال، فضلا عن تطوير الإجراءات الجنائية لتحقيق الغرض المطلوب، وهو ما بدأت التشريعات منذ بضع سنوات في تحقيقه، منها قانون جرائم المعلوماتية السوداني 2007 والنسخة الجديدة فى 2018م .
طبيعة الجرائم ذات الصلة بالحاسوب تقتضي معرفة متميزة بنظم الحواسيب، وكيفية تشغيلها، ووسائل إساءة إستعمالها من قبل مستخدميها، ولن تتحقق هذه المعرفة التقنية إلا بتدريب القائمين على أعمال التحري، والمباشرين للتحقيق في مجال الجرائم الإلكترونية، إلى الحد الذي دعا البعض إلى القول بضرورة وجود شرطة متخصصة ونيابة متخصصة وقد تم تنفيذ نيابة جرائم المعلوماتية في هذا المجال.(كما يوجد فى السودان نيابة جرائم المعلوماتية ).
ويجب أن يشتمل التدريب على كيفية تشغيل الحواسيب، بعد التعرف على أنواعها ونظمها المختلفة لإكتساب مهارات ومعارف تتعلق ببرمجة الحاسبات، والمعالجة الإلكترونية للبيانات والجرائم التي تقع على الحواسبيب أو تستخدم الحواسيب وسيلة لإرتكابها، وأساليب إرتكاب هذا النوع من الجرائم، فضلا عن امن الحواسيب ووسائل اختراقها، مع دراسة حالات تطبيقه لجرائم وقعت سلفا، وكيف تم مواجهتها وفي كثير من بلدان العالم تعقد الدورات التدريبية المتخصصة لرجال الشرطة واعضاء النيابة العامة، سواء في مراكز تابعة لوزارة الداخلية او في المراكز المتخصصة التابعة لوزارة العدل، كما هو الحال في امريكا وانجلترا، وكندا نرجو من القائمين على امر المعلوماتية ان يهتموا بمواضيع التدريب المتخصص في مسرح الجريمة المعلوماتية والادلة الرقمية والبحث الجنائي الرقمي حتي تتم حجية الأدلة الرقمية ودورها في إثبات الإدانة في الجرائم الإلكترونية

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى