عبد العزيز الحلو والبيع بالجملة بقلم : محمد النور المبارك
أثر التباينات التي نشبت مباشرة بعد الاستقلال ظلت الدولة السودانية في حالة من عدم الاسقرار ادى الي نشؤ بعض السلوك الاحتجاجي تارة من خلال تمرد كتيبة (انانيا ون) بقيادة جوزيف لاقو ثم (انانيا تو) حتى تآسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان أثر تمرد إحدى الكتائب العسكرية المسلحة في جنوب السودان عام 1983 بعد إعلان الرئيس السوداني السابق جعفر نميري إلغاء اتفاقية أديس أبابا التي أنهت 10 عاما من القتال بالجنوب، فأوفد نميري العقيد جون قرنق الضابط بالجيش السوداني آنذاك للتفاوض مع الكتيبة المتمردة، لكن قرنق بدلا من إخماد التمرد تحالف مع المتمردين وأنشأ الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي ذراعها المسلح.
وأعلن قرنق أن هذه الحركة لا تطالب بانفصال الجنوب، وإنما بإعادة صياغة منهج الحكم فيه وتفكيك قبضة المركز على الأقاليم.
وقد كانت المطالب واضحة في خطاب الحركة في بداياتها، لكن بعد سقوط الاتحاد السوفييتي سرعان ما غيرت مفردات خطابها لتقيم بعد ذلك علاقات وثيقة بالولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
تعرضت الحركة الشعبية لتحرير السودان لانشقاقات عديدة في صفوفها، وتشكلت عدة فصائل جنوبية منافسة لها، ورغم ذلك ظلت تقاتل الحكومات المتعاقبة في الخرطوم، إذ لم يقنعها سقوط نظام نميري بإلقاء السلاح، ولا تشكيل حكومة انتقالية بقيادة المشير سوار الذهب ولا قيام حكومة ليبرالية تعددية بقيادة الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني.
في الوقت الذي واصل فيه الطرفان قتالهم كانت هناك جولات متعددة من المباحثات بين الحركة وحكومة الخرطوم في العديد من العواصم الأفريقية، ولكن كان يغلب على هذه الجولات الفشل، واستمر الحال كذلك إلى أن توصل الطرفان أخيرا إلى نقاط اتفاق بينهما ظهرت في مشاكوس بدولة كينيا.
ثم مفاوضات نيفاشا التي فصلت الترتيبات الأمنية والعسكرية في الفترة الانتقالية التي تسبق الاستفتاء على تقرير المصير وظلت الحركة بعد تآسيسها في شمال السودان متمسكة برؤها نحو ادارة الدولة والتنوع الاثني والتعدد الديني والثقافي ..
إلا ان ثمة لعبة خارج الميدان ويمكن أن يندرج في خانة اللقاءات الودية التي لا تعني الشعب السوداني كثيراً حيث الحلو الذي هو مستمتعاً بسلطته كرئيس للحركة الشعبية شمال و مستحوذا على خيرات ما أسماها بالمناطق المحررة التي يتربع على عرشها و يتلقى الدعومات من أصحاب الأجندة والاغراض والذين سيأخذون حقهم أضعافا مضاعفة من الوطن و المواطن وهو يمتهن التسول و الإرتزاق خارج السودان خاصة وان هذا البند قد صادف هوى في نفوس أعداء الوطن رغم مرافقتنا لهم في النضال إلا ان “البباري الجداد بوديهوا الكوشه”…
رغم ان التوقيع الذي تم بين الكتلة الديمقراطية وعبدالعزيز الحلو هو عبارة عن فورمة جاهزة كسابقيهم من حزب الامةوالحرية والتغيير المجلس المركزي إلا ان التاريخ الناصع للحركة الشعبية لا يسمح ان يُلطخ بدماء من ساندوا انقلاب 25 اكتوبر الذين ارتوت اجسادهم بدماء الشباب الذين فارقوا الحياة بحثاً عن الحرية والديمقراطية والحكم المدني بما يؤكد ان الحلو قد باع نضال الحركة الشعبية وتاريخها في سوق النخاسة متماهياً مع تكتيكات البرهان بعلم أو بدون في عودة الكيزان الي السلطة عبر بوابات ونوافذ مختلفة و واحد من نوافهم و ادواتهم الاساسية هي ما تسمي بالحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) التي تضم مجموعة يحركها البرهان حيث ما شاء وكيف ما شاء في اطار خلق ازمات وذرائع عدم اكتمال التحول الديمقراطي الذي جعل من هذه الكتلة تقف ضد تطلعات شباب السودان وطموحات الشعب السوداني في اكمال التحول نحو الحكم المدني عبر رفضهم الاتفاق الاطاري الذي يحوي على مجموعة رؤي داعمة للحرية والديمقراطية والحكم المدني ..
بتوقيع الحلو على هذه المسودة وإن كانت اولية يكون الحلو دخل بوابة العهر السياسي وبيع التاريخ وخيانة من فقدوا من رفاقهم من اجل تحقيق الاهداف الاساسية للحركة تلبية لرغباته الشخصية ورغبات البرهان الذي يستخدم قيادات هذه الكتلة للتغبيش على الشعب السوداني واعادة الكيزان مستفيداً من تحالفاته مع بعض دول الجوار في اطار الاصطفاف الدولي و
الاقليمي ومساندة بعضهم البعض في اطار البقاء على سدة الحكم …
25/2/2023م