وقيع الله حمودة شطة يكتب في (دلالة المصطلح).. جدل رئاسة المجلس السيادى وقضية الأمن القومى السودانى
تثير قوى الحرية والتغيير المتمزقة من داخلها الهش غبارا كثيفا حول قضية خطيرة جدا، وهى المطالبة بتسلم رئاسة المجلس السيادى، زاعمة أن هذا يعد إستحقاقا سياسياً وقانونيا كفلته لها ما يسمى بالوثيقة الدستورية!!. ومجموعة الحرية والتغيير التى فشلت فى كل شئ بداية من خطف الثورة وحصرها فى تحكم أربعة أحزاب عقائدية تعد من الأحزاب الضعيفة والفقيرة جماهيريا واجتماعيا ، فضلاً عن كونها أحزاب ذات توجه وأفكار أجنبية لا تنسجم مع مبادئ وقيم وأخلاق ودين وأعراف الشعب السودانى، الذى لفظها عشرات المرات ، وهى أحزاب البعث العربى، والشيوعى، وحزب نكرة جديد يسمى المؤتمر السودانى، إضافة إلى حزب الأمة الذى فقد وزنه الشعبى وأصبح حزب برجوازى صفوى (حزب الأسرة) ووجود برمة ناصر كأحد قيادته من خارج الصفوة يعد مجرد تمومة جرتقة، وبرمة ناصر نفسه رجل سياسى فاشل، والدليل على ذلك إجهازه على ما سميت بمبادرة السيد رئيس الوزراء (إلى الأمام) التى ولدت ميتة، ولن تتقدم إلى الأمام بل تتقهقر إلى الخلف مادام برمة ناصر هو رئيسها.
الأمر الثانى الحرية والتغيير تقزمت ومارست أسوأ أنواع الخداع والتضليل والغش على الشعب السودانى والثوار، وتناست القضايا المصيرية وذات الأولوية فى حياة الشعب، وتفرغت لتوزيع الغنائم والأموال السائبة التى سطت عليها عبر لجنة إزالة التمكين المؤسسة غير القانونية بأعمالها غير المبررة لا دستورياً، ولا قانونيا، ولا أخلاقيا، لأنها لجنة سياسية تعمل لصالح مجموعة الأحزاب الأربعة، التى سميت هذه الأيام باسم أربعة طويلة على وزن تسعة طويلة المجموعات الإجرامية المتفلتة التى تمارس السطو والنهب والسرقة والخطف، وإن شئت أنظر إلى تكوينها والأفراد الناشطين فيها، وما يمارسونه من تضليل وتلفيق وخداع وغش على الشعب السودانى والثوار والشباب.
الأمر الثالث فشل الحرية والتغيير فى تقديم برنامج عمل سياسي واقتصادى وإداري، لتسيير دولاب الفترة الإنتقالية التى تسعى الحرية والتغيير دائماً إلى تطويل آمادها وفترتها هروبا من تكوين مفوضية الإنتخابات، وقانون الإنتخايات، وإجراء الإنتخابات، لتسليم السلطة لجهة منتخبة من الشعب دليل كاف على العبث واللعب والممارسة الفاسدة للحرية والتغيير التى ضاقت بالحرية والتغيير والعدالة فى داخلها قبل قبولها بالآخر، وأسوأ ما فى أفكار وبرامج قيادات الحرية والتغيير، وإن شئت قل شرذمة الناشطين العائدين من المنافى ومحاضن العمالة والإرتزاق، هو الإعتماد على حلول وتدخلات المجتمع الدولى الذى عملوا فى منظماته المشبوهة، التى ظلت تتأمر على بلادنا منذ الإستقلال، كما عملوا فى مؤسسات المجتمع الدولي المعادية لنهضة السودان كمرتزقة وعملاء ومأجورين ومخبرين لدوائر الإستخبارات العالمية ضد بلادهم بصورة تؤكد بجلاء خيانتهم الوطنية لهذا الشعب الذى يتباكون هذه الأيام ويستعطفونه للخروج حتى تكتمل حلقات الفوضى السياسية والأمنية، لتمرير أجندة أسيادهم الذين بعثوهم كطلائع إحتلال، ومرتزقة، لتمزيق وحدة البلاد، والشعب، والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية المختلفة التى بدأوا مهمتهم القذرة بالإساءة إليها ، ولذلك تراهم لا يكفون عن حديث تفكيك القوات المسلحة، والأجهزة النظامية والأمنية مع الإساءة المستمرة عبر مجموعة من السفهاء والصعاليك أعدوا لهذه المهمة الخبيثة القذرة ضد الوطن والشعب وقواته المسلحة.
الأمر الرابع الفقر والعجز التام لدى قيادات وكوادر الحرية والتغيير فى شؤون تصريف إدارة الدولة والمؤسسات، وقد شاهد وقرأ ورأى الرأى العام والشعب البلطجة التى يمارسها قيادات الحرية والتغيير والكذب عبر وسائل الإعلام والصحافة أكد فساد طوية هؤلاء الناشطين سفهاء الأحلام.. وتأسيسا على هذه النقاط نقول إن الوثيقة الدستورية المحرفة المنتحلة ليست قرآنا منزلا يتلى على الناس كلما وقعت الخلافات السياسية بين مكونات الحكم، وهى مجموعتين مجموعة العسكر،التى لها حق دستورى بحكم وضع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية فى فترات الإنتقال السياسى عبر الثورات، ومجموعة الحرية والتغيير التى تقزمت فى (أربعة طويلة) التى تدعى تمثيل الشعب والثوار بلا تفويض وحق دستورى، وقد سرقت الثورة وأدخلت أجندتها السياسية والحزبية بعيداً عن مطالب الشعب والثوار، فهى اليوم داخل مؤسسات الدولة حتى المجلس السيادى ومجلس الوزراء عبارة عن شرذمة غير مرغوب فيها من قبل الشعب إلا قليلة من المخدوعين والمغرر بهم، وبعض أصحاب المصالح الذاتية، وأبواق من الإعلاميين المناصرين لها والذين عرفوا بأقلامهم المشرية.
والبلاد اليوم تمر بمرحلة خطيرة فى فترة إنتقالية طالت فشلت فى تحقيق السلام، والاستقرار السياسي، والإصلاح الاقتصادى،والتوافق الوطنى نتيجة ضعف الخبرات والتجارب، والنيات السياسية المبيتة نحو القوى السياسية، يتطلب الأمر إعطاء الأولوية للأمن القومى الوطنى، ولعل كل النقاط الأربع التى ذكرتها فى مستهل هذا المقال تمثل ثغرات مفتوحة تعرض أمن البلاد القومى والإستراتيجى للخطر، وهذا ما ينبغى أن يتفطن له قيادات القوات المسلحة والأمن والأجهزة الأمنية، ومنها إذا تعارضت الوثيقة الدستورية مع مطلوبات الأمن القومى الوطنى تقدم مطلوبات الأمن القومى على كل شئ سواها، ومن هذه الأمثلة الآن موضوع رئاسة مجلس السيادة الذى هو بمثابة رئاسة الجمهورية، لا يمكن إعتباره وظيفة عادية توكل إلى أى شخص مالم تتوفر فيه مواصفات رجل الدولة، ومواصفات مطلوبات الأمن القومى والإستراتيجية الوطنية، وعدم الإرتباط بالدوائر الخارجية، وانطلاقا من هذا الإفتراض يعد مطلب الحرية والتغيير بتسلم رئاسة مجلس السيادة للمجموعة المدنية يعتبر مطلبا خطيرا يعرض أمن البلاد القومى للخطر ليس المحتمل، بل المتحقق،إذ أن فى تقديرى لا يوجد داخل الحرية والتغيير ومجموعة أربعة طويلة رجل مدنى مؤهل أخلاقياً وإستراتيجيا ووطنيا وأمنيا وسياسياً يستحق أن يتولى قيادة ورئاسة مجلس السيادة خارج منظومة القوات المسلحة، ولذلك أى جدل وخلاف ومشاكسة تثار الآن حول رئاسة مجلس السيادة يعد مهددا أمنيا ينبغى ألا تجامل وألا تفرط فيه مجموعة المكون العسكرى بقيادة الفريق أول ركن البرهان، وسبق لى أن كتبت منذ بداية الثورة عن خطورة استبدال المجلس العسكري بمجلس السيادة، وخطأ تضمين ذلك فى الوثيقة الدستورية، وخطورة تطاول أمد الفترة الإنتقالية وفتح المحاصصات السياسية فى إدارة ملف الفترة الإنتقالية، وقد حدث ما توقعناه صورة طبق الأصل.
حان الآوان لحل حكومة المحاصصة السياسية فى الوقت الخطأ، وحل مجلس السيادة وإخراج المدنيين، تكوين مجلس عسكرى وحكومة تصريف أعمال من وزراء مستقلين، والإعداد للإنتخابات والتحول الديمقراطى المنتظر الذى يحققه الشعب.
إن أزمة الشرق بقيادة ترك، والطوفان بغرب كردفان، وحراك كيان الشمال، وأزمة فصل القضاة من قبل لجنة إزالة التمكين التى تحولت دكتاتورية مطلق بلا أخلاق،وأزمة الملف الاقتصادى والسياسي، كل هذه الملفات تتطلب من قيادة القوات المسلحة التأنى والحكمة والحل العاجل وليس الإلتفات إلى هلوسة الحرية والتغيير، وتطاول المجتمع الدولى على سيادة بلادنا وأمنها القومى ووحدة أرضها وشعبها. أخرجوا دوائر الإستخبارات من داخل بلادنا،أبسطوا هيبة الدولة والسيادة الوطنية، أعيدوا صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات الوطنى كاملة، أعيدوا هيئة العمليات فى جهاز الأمن والمخابرات الوطنى، أعيدوا إلى الشرطة هيبتها، فعلوا قانون الطوارئ، لتنظيف البلاد من جرائم الخيانة الوطنية والعمالة والإرتزاق،أمننا القومى فى خطر، رئاسة مجلس السيادة لا تمنح لمن لا يؤتمن فى حزبه ورهطه، فكيف يؤتمن على معلومات أمننا القومى.
الخميس 7 أكتوبر 2021م