فصل لجنة إزالة التمكين لقضاة في ميزان الوثيقة الدستورية.. اين الصواب واين الخطا ؟
بقلم المستشار القانوني فائز بابكر كرار
كيف خرجت لجنة ازالة التمكين والتفكيك من الاختصاص بشأن إزالة التمكين فى المنظومة العدلية والحقوقية(السلطة القضائية والنائب العام ).
من النزاهة أن تتحقق العدالة بإجراءات سليمة وفى ذلك تفكيك بنية التمكين.
(لايمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل الفهم الفهم ) .
فهم القانون في إطاره الصحيح و بإمعان يقتضي النظر في نصوصه، لكي نتبين فلسفة تشريعه هدفه ومبتغاه وسنده، مما لا جدال فيه إننا نمر بمرحلة تحول وتغيير وبلا شك أن هذا يتطلب تصحيح وإعادة ترتيب بفهم وإدراك لما تقتضيه المرحلة في العدالة الانتقالية، وفي فن تطبيقها والتعامل مع التحديات وفق صحيح القانون والمبادئ.
الأجهزة العدلية بموجب قوانينها محصنة ومستقلة تماما من اى تدخل حفاظا على مكانتها، وإن كان هناك هدف للإصلاح يجب أن يكون وفق الآليات والقواعد التى خطها القانون ، وفى ذلك حددت الوثيقة الدستورية جملة من الأطر والقواعد بهدف الإصلاح القانوني والاستقلال، وإزالة التمكين ، ولكن المادة (3) من قانون لجنة ازالة التمكين اقتحمت حصن الاستقلالية واعتبرت السلطة القضائية والنائب العام من ضمن أجهزة الدولة التى تدخل تحت اختصاص اللجنة ، وهذا الامر ليست براءة مطلقة ولكنها حصانة مطلقة ، وكذا توسع اللجنة فى سلطاتها تعتبر سلطة مطلقة وإذا زاد عليها عدم الاختصاص والسلامة الاجرائية تعتبر مفسدة مطلقة.
كما استشرى وعم داء التمكين أيضا جاءت العملية الإصلاحية عامة وليس هنالك جهاز مستثنى من أجهزة الدولة التي تضم السلطة القضائية والنائب العام ووزارة العدل وبقية أجهزة الدولة وفق ما جاء في نص المادة (3)من قانون التفكيك وازالة التمكين 2019تعديل 2020 في تعريف أجهزة الدولة .
لجنة ازالة التمكين إذا رغبت فى تحقيق غاية إزالة التمكين عليها أن تسلك الإجراءات السليمة حتى تحصن قراراتها من الإلغاء والإبطال، عند عرضها للرقابة القضائية، وهذا ينطبق حتى فى الاسترداد.
أن أي قرارات تجئ بالمخالفة للقانون تعد انتكاسة قانونية وعدلية وسقطة قضائية .
ضمان الاستقلالية والخصوصية التامة للسلطة القضائية والنائب العام وكل المنظومة العدلية والحقوقية التي يجب أن يتم الإصلاح القانوني وإعادة البناء والتطوير وازالة التمكين عبر الآليات والنظم المقررة قانونا.
وضمان تحقيق الإصلاح القانوني يجب الالتزام بصحة الإجراءات العدلية والموضوعية ،فى الالتزام بحكم القانون وتطبيق مبادئ المساواة أمام القانون ،والمحاكمة العادلة ،والحق في التقاضي التزاما بالمبادئ الدستورية والقانونية المضمنة فى وثيقة الحقوق والحريات التي نص عليها فى المواد (48-52-53) من الوثيقة ،ومراعاة حقوق الإنسان.
هذه الالتزامات القانونية تحقق سلامة التطبيق وتحصن القرارات في مواجهة الرقابة القضائية عند ممارسة القضاء لسلطته في المادة (30) من الوثيقة استنادا على ولاية القضاء ،والتزام أجهزة الدولة ومؤسساتها بتنفيذ أحكام واوامر المحاكم ،وكذلك عند ممارسة المحكمة الدستورية سلطتها الواردة فى المادة(31) من الوثيقة في رقابة دستورية القوانين ،وحماية الحقوق والحريات والفصل في المنازعات الدستورية.
إن أى قرار تجتمع فيه عدم المشروعية وعدم الاختصاص موضوعا وسلطة واختصاص ، وانعدام الإجراءات السليمة شكلا واتباعا ، مع انعدام السبب والتسبيب السليم ، هذا الجوامع مجتمعة تقود السلطة التي أصدرت القرار الى عيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وعندها تسؤ الجهة استعمال السلطة ويعتريه العيب فى قواعد الاختصاص والشكل .
هل القوانين يمكن أن تزيل وتزيح قوة بعضها من حيث الاختصاص والمشروعية؟
التوافق والقواعد وجدلية الاختصاص:-
وفق قاعدة اللا حق يقيد السابق والخاص يقيد العام، والقانون يفسر وفق الغرض الذي شرع من أجله .
قواعد المشروعية والاختصاص:-
القواعد الموضوعية
تشريع القانون واكتسابه للمشروعية لايعنى الاختصاص المطلق فى التطبيق والتصرف، قاعدة الاختصاص قاعدة مقيدة لتطبيق القانون ، قد تكون قواعد القانون تحكم المسألة ولكن آليات القانون غير مختصة حينها تحال القواعد المراد تطبيقها ليحكم تطبيقها قانون آخر ، وفى هذا نسوق مثال :
من الناحية الموضوعية والإجرائية
تقييد القانون اللاحق للقانون السابق مثال صدر قانون مفوضية إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية فى تاريخ 22/ 4/ 2020 ، وصدر قانون لجنة ازالة التمكين والتفكيك فى العام 2019
من ناحية تنظيم المسألة وتطبيق القواعد نجد قانون لجنة ازالة التمكين فى شأن ازالة التمكين يطبق فى كل أجهزة الدولة بموجب المادة (3) منه ، وهنا يعتبر قانون عام وسابق ، بينما صدر قانون المفوضية العدلية والحقوقية لتنظيم مسألة ازالة التمكين فى المفوضية العدلية والحقوقية وهذا الاختصاص بموجب المادة (2) منه إذا يعتبر قانون خاص وهنا تجتمع فى القانون صفة الخاص واللاحق ، وسند هذا القول ما جاء في نص المادة(6 الفقرة 2 من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة السوداني لسنة 1974 حيث القانون الذي ينظم المسألة، وكذلك ما نص عليه فى قانون المفوضية في المادة (6) أن تكون المفوضية هي المختصة بإصدار قرارات الإزالة فى حق منسوبي المفوضية من النائب العام والسلطة القضائية، وبذلك ينعقد الاختصاص لقانون المفوضية وتخرج لجنة ازالة التمكين والتفكيك من الاختصاص.
من الناحية الشكلية والإجرائية:
حق المواجهة والدفاع والتحقيق من المبادئ المستقرة قانونا وقضاءا ولا يقبل الانتقاص ، وقد أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وجاءت واضحة فى نصوص وأحكام الوثيقة الدستورية.
وفى هذا الاتجاه قررت لجنة حقوق الإنسان القرار رقم 41\1994 أن يتولى مجلس حقوق الإنسان بموجب قرار الجمعية العامة رقم 251\60 تولى المجلس مهمة استقلال القضاء والمهن القانونية.
وفى ذلك تطبيقا قضائيا فى مجلة الأحكام القضائية لسنة 1972 صفحة (585) سابقة محمد حامد احمد- ضد – الهيئة المركزية للكهرباء أفادت أن حرمان الموظف من حق السماع من قبل جهة الادارة يجعل قرارها باطلا ) .
من وثيقة الحقوق والحريات الواردة فى الوثيقة الدستورية في المواد 43 عدم التمييز، و 45 المواطنة أساس الحقوق، و48 المساواة أمام القانون، و52 المحاكمة العادلة، و53 حق التقاضي. ) كما نص ذلك في المواد (3-4-6)أن تسود أحكام الوثيقة وأن يخضع الجميع لحكم القانون.
من أهم أهداف المرحلة الانتقالية التي جاءت في المهام بالنص الحرفي في المادة (8) البند (15) “تفكيك بنية التمكين” بموجب هذا انعقدت السلطات للجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال وفي المادة (3)من تفسير قانونها عرفت التمكين في الوظائف العامة والخاصة والهياكل والواجهات، حيث حددت التمكين الوظيفي بالحصول على الوظيفة والتعيين في الخدمة العامة انفاذا لسياسات نظام 1989 بمخالفة نظم وتشريعات الخدمة العامة بسبب الانتماء السياسي (فقه التمكين ) أو الوظيفة منشأ بغرض السيطرة على الكيانات والمؤسسات ، وفي ذلك جاءت فكرة التفكيك وإعادة البناء باتخاذ إجراءات إنهاء الخدمة وفق نص المادة (7)البند (د) بناء على توصية أجهزة الدولة أو الجهة المختصة بسبب أن الشخص حصل علي الوظيفة بسبب التمكين واستخدام النفوذ أو الوظيفة التي يشغلها أنشئت لأغراض التمكين.
بالرغم من سلامة المقصد والغاية إلا أن سلامة القاعدة القانونية وحدها لاتعطي الاختصاص المطلق والتغول على سلطات القانون الخاص الذي تحكم قواعده تطبيق القاعدة القانونية المعنية.
كيف خرجت لجنة التمكين من سلطة الاختصاص؟
توصية اللجنة الفرعية التابعة نهج استثنائي ومعيب قانونا لان يتغول على اختصاص أجهزة الدولة، ويحرم العامل” المزال” من حق المواجهة والدفاع ، توصية اللجان الفرعية المكونة فى أجهزة الدولة والتابعة للجنة إزالة التمكين لاتعتبر جهة مختصة تقوم مقام أجهزة الدولة وعندما نص قانون لجنة إزالة التمكين فى المادة(7) الفقرة(د) توصية أجهزة الدولة وأن ذلك بموجب صحيح التفسير القانوني قيام اللجنة الفرعية بالاختصاص واصدار التوصية بإنهاء الخدمة لا يحقق غرض النص الذى شرع من أجله(بناءا على توصية أجهزة الدولة بحيث لا تقوم اللجنة مقام أجهزة الدولة ).
بأختصار سريان قانون مفوضية إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية يجعله القانون الواجب التطبيق، ويحكم مسألة إزالة التمكين فى السلطة القضائية والنائب العام.
العدالة ميزان لك وعليك ودولة القانون والمؤسسات تبنى بالعدالة.
Justice is a balance for you and you, and the rule of law and institutions are built with justice.
تحياتي مستشار فائز بابكر كرار
Faizkararf77@gmail.com