(فنجان الصباح) .. احمد عبدالوهاب تحري رؤية سلام اليمن بتقويم ( أم القرى )!!!
وصول سفير خادم الحرمين الشريفين في اليمن إلى العاصمة صنعاء( موعد مع التاريخ) و بشارة للشعب اليمني برؤية (هلال السلام) اليمني وانطفاء الحرب العبثية التي تشنها جماعة الحوثي بالوكالة ضد الشعب اليماني وحكومته الشرعية و تضع أوزارها للأبد .. وإذا وصل ماء الوضوء السعودي بطل التيمم الايراني رأسا..
أدت عاصفة الحزم واجبها العسكري كاملا، وجاء دور الدبلوماسية ..
جاءت خطاها حثيثة و متلاحقة، بدأت بسلام الفرسان مع صنعاء ، واعمار العلاقات مع طهران .. ثم وصول المبعوث السعودي حاملا غصن الزيتون طي حقيبة حبلى ببشارات وأخبار سارة لا تبدأ بإعادة الإعمار، وعودة الأمان لعيون الصغار ولا تنتهي برجوع الخائفين والنازحين إلى الديار ..
خطى سعودية حثيثة قطعت نفس خيول الغرب.. وألجمت بالدهشة واشنطون التي رهنت إعمار مصالحها بتخريب علاقات الخليج بالجوار الايراني.. و رسمت استراتيجيتها على ترهيب بلدان الخليج ببعبع المد الشيعي وفزاعة النووي الايراني..
ان جماع هذه التحركات المحمومة ضربة معلم تحسب لدبلوماسية المملكة التي لا تعرف التثاؤب..
لقد اكد حصاد الشهر الذي مضى ومطلع هذا الاسبوع الرمضاني لكل من يهمه الأمر أن المملكة دولة محورية في المنطقة لايمكن تخطيها بحال في أي معادلة حرب او سلام بالاقليم .. وهي القاطرة العربية والاسلامية التي لايقطع في أمر بدونها، ولا يفتى في شأن خطير أو صغير الا في وجودها وبرضاها.. وهي الوحيدة القادرة دوما على وضع النقاط على حروف المشهد العربي خليجيا وشرق اوسطيا..
لقد لقن تحالف عاصفة الحزم آيات الله الايرانيين ووكلائهم الحوثيين دروسا ليست قابلة للنسيان، مفادها أن أمن الخليج العربي كأهم ممر بحري في العالم ليس محل مساومة، كما أن آمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب وأمن واستقرار الجزيرة العربية لا يقع ضمن الروزنامة الفارسية ، وأن تحري رؤية هلال السلام اليمني يجب أن يكون دائما وفق تقويم أم القرى.. وليس تقويم صعدة المحتلة أو قم المقدسة..
لقد كان قرار خوض الحرب إلى جانب الشرعية.. وإطلاق عاصفة الحزم واجبا عربيا ومهمة إقليمية، أي تقاعس عنها يمثل اهداء لليمن كحلم فارسي إلى طهران على طبق من ذهب.. لقد كانت كلفة فاتورة قرار عاصفة الحزم باهظة.. ولكن تحملتها الرياض بكل مروءة ورجولة.. من أجل سواد عيون اليمن وأهله الكرام.. ومن خطب الحسناء- كما يقولون – لم يغله المهر..
الآن يمكن القول بأن كلا من طهران وصنعاء قد تبلغتا الرسائل السعودية كاملة.. سواء تلك التي كانت تحملها قاذافات الاف ١٦ لتأديب جماعات صعدة.. أو التي حملتها طائرات الإغاثة للشعب اليمني أو الرسالة التي جاء بها مؤخرا الموفد السعودي مدججا بغصن زيتون نجدي أخضر إلى عاصمة اليمن.. يمن تتمناه الرياض سعيدا ويتمناه آخرون محطما، وموشحا بالسواد وثياب الحداد..
ولم يعر الإعلام العربي والعالمي أهمية تذكر لما رشح من تصريحات حوثية قللت من أهمية المبادرة السعودية.. ذلك ان تصريحات الحوثي لاتعدو كونها كلاما للاستهلاك السياسي لا محل له من الإعراب، صادر من جماعات مسلحة لم تبلغ سن الرشد السياسي بعد.. ولم تستطع أن تغادر محطة المليشيا الوظيفية و الوكيل الحصري لمطامع إقليمية،تسارع إلى تبخيس كل جهود سلمية، والشئ من معدنه لايستغرب..
مفهوم من صنعاء أن ترد التحية بأسوأ منها، خصوصا وأنها لا زالت تلعق جراح انكسارها عسكريا، وتخبئ دموع هزيمتها دبلوماسيا، وخسارتها أخلاقيا ..
فالهدف من المكابرة هو رفع إنتاجية القرار الحوثي على حساب مصالح الشعب اليمني المغلوب على أمره ..
لقد كافح المتحدث باسم الجماعة ما وسعته الحيلة اختصار المبادرة السعودية التي لاتنقصها الشجاعة ، وحصرها في الشأن الإنساني وفي عمليات تبادل الاسرى .. وهي عمليات على أهميتها وانسانيتها ليست من صميم اهتمامات صنعاء..
وتبقى مهمة الدبلوماسي السعودي الرفيع في صنعاء أخطر وأكبر من مجرد تعويضات، وتبادل أسرى .. ولو كان ذلك كذلك لأنيطت المهمة إلى الهلال الاحمر السعودي واللجنة الدولية للصليب الأحمر .. إنها موعد مع السلام ومع التاريخ..
ولكن ماهو معلوم من السياسة بالضرورة أن أشد الأمور خطرا على كل جماعة وظيفية مسلحة اتخذت من الحرب موردا للرزق وشريان حياة عندما يصك سمعها نداء السلام وتصاب بالفزع من مفردات الصلح والتهدئة.. إن كل ذلك ليس بمستغرب من جماعة من الماضي لا زالت تتعلق كالغريق بقشة شعار ( لا صوت يعلو فوق صوت البندقية).. فبالبندقية تشتري زمنا. وباستمرارها كمخلب قط تضمن استمرار الرواتب والرشى الاجنبية، وتدفق المال والاعطيات والسلاح.. في وقت تتخفف فيه الجماعة – إلى إشعار آخر- بدعوى النضال الكذوب من كل مسؤوليات أخلاقية وإنسانية تجاه معاناة وآلام شعب يريدون جعله دروعا بشرية.. ومستقبل بلد ينوون اختطافه لأطول وقت ممكن..
لقد أحسنت الرياض صنعا وهي تستعيد ملف العلاقات مع طهران من أمريكا .. وهي تسحب البساط اليمني من تحت أقدام الملالي ووكلائهم الاقليميين.. تاركة كل خطط الحوثي وطموحات ( آيات الله) تتوه في تضاريس اليمن وجباله الوعرة..
ولو كان الإمام الخميني على قيد الحياة لقال ثانية ما قاله عشية إعترافه بهزيمة بلاده في حرب الخليج الأولى ( كما لو أنني أتجرع كأسا من السم)..