بكري المدني .. تحية وإحتراما .. قرأت لك امس قولا تدعو فيه الي مصالحة وطنية ..
آنست في قولك اعتدالا ومسئولية كلمة طالما عرف بها صناع الراي العام من أهل الاعلام والمهنة ممن يسهم في تشكيل الوجدان السياسي والوطني لعامة الناس ..
ولعلك بعد ان دعوت لما دعوت اليه من مصالحة آنست من غضب القوم نارا ومن مشايعيهم ممن جبل علي الرأي الواحد وقد طرحوا لاتهم وعزاهم الشهيرة (حرية سلام وعدالة) جانبا وصبأوا الي دين جديد عقيدته ما اربكم الا ما اري وما اهديكم الا سبيل الرشاد ! دينٌ شعائره ومشعره الحرام صبر وعبور وادعاءٌ عريض غير مسنود بأن ثمة ضوءٍ في آخر النفق كملابس الفرعون العريان لا يراه الا من كان (دولةً عميقة !)
ولعلك نظرت في بأس وبطش القوم ثم نظرت لما دعوت له من مصالحة فوجدت في الجوّ شطة ! فعطست ! فجئتنا بمقولة بتراء ومقالٍ بلا ملامح تدعو فيه لمصالحة وطنية مشروطة مع الاسلاميين ..!!
جئت باشتراطات تثير من السخرية بأكثر مما تسوم الاسلاميين خسفا وعسفا ..
ولعل هذا ما جعل مقالك صكوك غفران باهظة الثمن ادني ما فيه تراجع عن صدق الكلمة وشجاعة الرأي التي بغيرها يصبح الكاتب بوقا ينعق بما لا يسمع الا دعاءّ ونداءً في دولة صار فيها اعلاميون كثر بوقاتٌ لها وطبولُ ..
كان من خطل الرأي وبائس القول ما قلت به في دعوتك لمصالحة الاسلاميين واقصاء المؤتمر الوطني !
لقد اوغلت في النجعة ! اوغلت وجئت باشتراطات يشيب لها الغراب ويعود القار كاللبن الحليب ..
تأمل عبارتك وانت تدعو لمصالحة الاسلاميين واقصاء المؤتمر الوطني ! فاعلم :
*(المؤتمر الوطني هو صنيعة الاسلاميين وابنهم الشرعي !)* رئيسه .. امناء اماناته .. مكتبه القيادي .. هيئة شوراه .. لُحمته وسداته .. كلو كلو اسلاميين .. !
ما ذكر المؤتمر الوطني الا وذكر الرئيس البشير وعلي عثمان و د. نافع والسلطان كبر و … فان كنت تصالح الاسلاميين وتقصي المؤتمر الوطني فانت تصالح الرئيس البشير وعلي عثمان ونافع وكبر وتقصي في ذات الوقت الرئيس البشير وعلي عثمان ونافع وكبر وباقي العقد الفريد ..! ان كنت تظن ان هؤلاء القوم مؤتمر وطني وليسوا اسلاميين فإن هذا سيأخذك بعيدا بعيدا قريبا من باقل ..!
وان كنت تظن ان هؤلاء القوم اسلاميون ولا علاقة لهم بالمؤتمر الوطني وتجب مصالحتهم فأدرك نفسك ولا تحدثنّ احدا بهذا الامر فكأني اري الملأ الذين تخشي يأتمرون بك فاخرج اني لك من الناصحين ..
واما ان كنت تري ان القوم اسلاميون ومؤتمر وطني ومع ذلك دعوت لحوار الاسلاميين واقصاء اهل المؤتمر الوطني في ذات الوقت فهذا يدفعني لجشم غلواء الاعتذار لبحر العلوم وترعت المفهومية السيد باقل ..
ثم اني قرأت لك قبل قليل مقالا ثالثاً تنافح فيه بعض منتقديك تحدثهم فيه عما تعلمت من دروس الفلسفة والمثال وطلاسم اخري منها ان اقصاء المؤتمر الوطني هو امر واقع وليس من بنات افكارك واشياء من هذا القبيل ..
ان كان اقصاء المؤتمر الوطني امر واقع جاء بأمر الثورة اذن فمع من جاءت دعوتك للحوار ؟ قحت مع قحت ؟ ام مع اسلاميين فضائيين في كوكب في الجوار ؟
استاذ بكري ..
لعلي اطلت عليك ولكن .. من قال لك ان الاسلاميين في حاجة لمصالحة مع الذين الغوا الشريعة وعطلوا الحدود !!
ام انك صدقت اكذوبة تجار الدين وطلاب السلطة ! ومن الاسلاميين ممن تعرف ويعرف البدو والحضر من خرج مِن الوزارة الي الطيارة الي احراش الجنوب حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر !
من قال لك ان الاسلاميين سيتصالحون مع من اباحوا الدعارة والخمور !!
من قال لك ان الاسلاميين في حاجة لمصالحة مع من وضع يده علي يد نتنياهو !
من قال لك ان الاسلاميين في حاجة لمصالحة مع من طبعوا العلاقة مع اليهود والغوا قانون مقاطعة اسرائيل واباحوا اجواء السودان الطاهرة النقية لطائرات اليهود غدوا ورواحا تعربد في سماواتنا النقية عصيات المنال !
فعلوا كل ذلك بلا مقابل ! وبلا مردود سياسي سوي ظنون وتهيؤات بإطالة امد الحكم..! طبّعوا فلما ظنوا انهم قادرون عليها اتاهم البأس من حيث لم يحتسبوا فاسقط اليهود نتنياهو الذي صافحوا واسقط جو بايدن قانون ابراهم الذي تعلقت به آمالهم السراب وظنوا انهم صاروا من (نميرٍ) فإذا بهم لا (كعباً) بلغوا ولا كلابا ..
كانت صفقة بلا مقابل وبلا مردود سياسي تطبيع بلا ثمن ! كانت الحصيلة صفر !
استاذ بكري .. من اخبرك ان الاسلاميين في حاجة لمصالحة مع من اباحوا السفور والفجور ونقضوا عري الدين عروة بعد عروة حتي بلغوا تعديل مناهج التلاميذ يعلمونهم كفرا صراحا يجسدون لهم الذات الالهية في المناهج والكتب يحيلون التلاميذ حميرا تحمل اسفارا ويضعون علي ظهورهم اوزارا وكفرا صراحا غدوّا ورواحا ..
استاذ بكري ..
من اوحي لك ان الاسلاميين سيضعون ايديهم علي ايدي من ساموا اهل السودان خسفا وذلا وجوعا ومرضا وموتا ذؤاما حتي ضاقت بهم الطرقات عند ابواب المستشفيات المقفلة الخاوية علي عروشها من الدواء والشفاء !
خلت المستشفيات من الطبيب المداوي وخلت المدارس من الاستاذ المربي والمخابز من الخبز ومحطات الوقود من الوقود واصبح السودان بلد اشباح للجوع فيه صولات وصولات وللخوف جولات وجولات وللمرض عند كل بيت سعيٌ وتطواف وللموت في كل بيت هلكات وتقتيلُ ..
استاذ بكري ..
هل تجروء ان تنكر شيئا من هذا الحال الذي نري ونعيش ما غابت الشمس او طلع النهار ..؟! وهل هذا ما تدعو الاسلاميين للمصالحة عليه ؟ وهل هذا ما تري من الرأي والحرب والمكيدة ؟ اما علمت ان السجون التي نزل بسوحها عتاة الاسلاميين وشهب البزاة منهم والشواهين انما هي منزلٌ نزلوا به بقضاء الله ومقتضيات الرأي والحرب والمكيدة ؟ من قال لك ان الاسلاميين يصالحون علي شئٍ من هذا الخطل وذاك الخواء ؟!
استاذ بكري ..
لعلك تعلم ما بلغ من شيطنة الاسلاميين الذين تدعو لمصالحتهم وانهم جميعا لصوص بلا استثناء ..! ولو كانوا (الشريف الرضي !)
ولعلك تعلم ان :
ايام الاسلاميين اللصوص (الكيزان) المحاصرين من المجتمع الدولي بذل جالون البنزين جهدا جهيدا امتد لثلاثين عاما ليبلغ ال (28) جنيها !
وان ذات الجالون ايام هؤلاء الاشراف الاتقياء الانقياء ربائب المجتمع الدولي خرج عن السيطرة في عامين وطار وصار (1440) جنيها !
وان الخبز الذي اشعل الثورة نارا واشتعل ايام الكيزان اللصوص المحاصرين من المجتمع الدولي كانت القطعة بجنيه واحد ! واليوم مع اهل التقوي والمغفرة هؤلاء المتصالحين مع المجتمع الدولي صارت (10) و (20) جنيها ..!
والمقارنة تمتد بين ايام الكيزان اللصوص وهؤلاء الاشراف لتطال الدواء المنقذ للحياة والتعليم والمواصلات وكل مناحي الحياة ! فقط انظر حولك ..
استاذ بكري ..
بالطبع لن احدثك عن عشرات الالاف من آساد الشري الذين دفنهم الاسلاميون في احراش الجنوب ذودا عن عبارة واحدة ! عبارة خفيفة في اللسان ثقيلة في الميزان تزن السماوات والارض في يوم فيه النار بارزة والاعضاء شاهدة والحاكم الله !
لن احدثك عن هذا لأن هذا حديث له اهله ومقامه ومقاله .. حديث يصعب فهمه وهضمه واستيعابه الا لمن مردوا علي ملاعبة الاسنة ومداعبة زناد البندقية ووزنوا الدنيا فما وزنت عندهم جناح بعوضة فلم يروا بأسا من الإرتحال المؤدلج وان يدخلوا غيابت الجب وغياهب السجون وليدخل من يشاء اروقة القصر وابوابه مشرعة تراوده الدنيا عن نفسه ويروادها وكلاهما (هيتَ) لصاحبه ..
استاذ بكري ..
*مافي مصالحة ! مافي اي مصالحة ..!*
والسودان ليس حكرا لاحد ..! ومن ظن انه سيقصي الاسلاميين فليمدد بسبب الي السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يقيظ ..
لواء د. / محمد عجيب محمد ..