أعمدة

(ويبقى الود) .. د. عمر كابو .. للبرهان:هؤلاء مكانهم الاحتفاء والتكريم لا السجن والتخفيض

في ندوة المنهجية الأولى حول تأثير نظم الحكم في السودان على العلاقات العسكرية المدنية التي نظمتها هيئة رئاسة الأركان بأكاديمية نميري العسكرية أمس الأول وفي ثقة من أمره ذهب الفريق منور عثمان نقد نائب رئيس هيئة الأركان إدارة ممثل المجلس الأعلى لأكاديمية نميري العليا ((وهو ممن يقال فيهم سمة صدق أنه صاحب ضمير يقظ واثق من قصده ولسان مبين
فصيح ينطق فصلا وسدادا حجة ومنطقا )) للقول بضرورة التوافق بين الفرقاء السياسيين وإلا الانتخابات للخروج بالبلاد من شبح الأزمة وإيقاف التدهور الذي يعاني منه الشعب٠ بيد أن أقوى ما طرحه الرجل دعوته الصادقة بأن ينزل الجميع لمفهوم الديمقراطية الحقة باعتبارها الحكم الأمثل للسودان٠
ذاك أهم ما قاله سيادته أما ما صدرته الندوة من توصيات في جملته يضحي محل نظر أولا أن بعض التوصيات أخرجت من سياقها لتثير لغطا وبلبلة في زمان للبلبلة والإثارة هامش مقدر٠٠ وأية ذلك أن توصية الندوة بضرورة خروج المؤسسة العسكرية من المعادلة السياسية فهمت خطأ وتم تأويلها تأويلات خاطئة عكس ما أريد لها٠
من نافلة القول يجب أن نذكر دائما بأن القوات المسلحة في كل التجارب التي حكمت السودان لم تسع لكرسي السلطة بل العكس فإن الظروف وحالة الفوضى ومطالب الجماهير كانت السلطة تأتيها طيعة منقادة دون أن تبحث عنها أو تسعى لها٠٠ فالفريق إبراهيم عبود استلم السلطة بناء على توجيه من رئيس الجمعية التأسيسية في ذلك الوقت وموافقة ضمنية من رئيس الوزراء والمشير جعفر محمد نميري جاء محمولا للكرسي من أحزاب بعينها بعد أن هيأت الشارع له ولقبول انقلابه٠٠ أما الإنقاذ يكفي أنه لولا تدخل البشير لسقطت الخرطوم وكل الأقاليم في التمرد ولتم تقسيم البلاد لدويلات عدة ولمات الناس جوعا ومرضا٠٠ وحتى البرهان هرع الشعب السوداني إلى المؤسسة العسكرية بعد أن غررت به المخابرات الدولية وأحزاب اليساريين الطفيلية التي خدعته برغد المعاش ويسر الحياة وتحسين الأحوال٠ فلجأت الجماهير المخدوعة للقيادة واعتصمت أمام بوابتها٠ فتدخل الجيش ورضى بتغيير البشير حقنا للدماء وسعيا لفرض هيبة الدولة بعد أن كاد أن ينفرط عقد السلامة والأمن العام٠
إذن في حكومة الأربع جنرالات الذين حكموا السودان كان الشعب هو من يسارع بالانحياز للجيش وإعلان تأييده المطلق له٠ حيث لم يسجل التاريخ أي بادرة رفض شعبي من الوهلة الأولى لأي تنظيم سياسي فكل الأحزاب السياسية إما سارعت بالتأييد المطلق من الساعة الأولى أو لزمت الصمت المطبق ريثما تتضح هوية الجنرال الحاكم الجديد٠
أما جموع الشعب السوداني فقد سجلت فرحا عارما وتأييدا مطلقا لكل الحكومات العسكرية السابقة٠
ولذلك من الخطأ القول بأن الجيش سيخرج من اللعبة السياسية فذاك حديث مخملي ساذج وحالم٠ والصحيح أن المؤسسة العسكرية لاغني عنها في كل آن وأوان٠ وستظل ضلع ثابت ومؤثر في الحكم وفي المعادلة السياسية وفي إدارة الشأن العام لاغني عنها ولاعن خبراتها ولا ميراثها وتجربتها ورجالها الأصلاء الصادقين الذين لهم في هذا البلد عرق ويمين بما قدموه من تضحيات وبما ملكوه من سجل باذخ بحب الوطن وبذل الجهد مهجا ودماء وتضحيات٠
ولأن الكلام يفتح بعضه بعضا ونحن نتحدث عن سيرة الرجال فرسان المؤسسة العسكرية فقد صدم الشعب السوداني البارحة ومحكمة عسكرية تصدر هذه الأحكام القاسية الطويلة على رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه تحكي سيرتهم عن نبل وفراسة ووطنية٠فالأحكام التي صدرت في مواجهتهم جاءت قاسية صادمة طويلة لا تتناسب مع الجرم إن صح أن هناك جرما ارتكب من الأصل٠ ولا تتوافق مع السياسة العقابية لكل مدارس ومناهج تفريد العقوبة ولا تتعاطى مع المدارس الفقهية الجنائية المختلفة التي ترفض تطاول مدة العقوبة كجزاء الهدف منه تحقيق الردع بشقيه العام والخاص٠ ومن هنا فقد استهجن الشارع العام صدور حكم قاس في حق قائد عظيم بعطاء وشموخ الفريق الأول هاشم عبدالمطلب (سجن ٩سنوات وتخفيض رتبته) الذي كره أن يؤتى السودان من الفوضى فقرر وقف عبث اليساريين الذين سعوا للسيطرة على مفاصل الدولة ولكن لتقديرات مختلفة آثر وقف الإنقلاب كماهو معروف ولم يتخذ أي خطوة في ذلك٠ واللواء ركن البطل العظيم محي الدين أحمد الهادي ظل قرآنا يتمشى بين الناس واللواء ركن بحر أحمد بحر يكفي أنه لم يمد يده لحرام (٥سنوات لكل واحد منهما وتخفيض الرتبة والطرد من القوات المسلحة) ٠
أملنا في سعادة البرهان كبير بأن يرفض التصديق على هذه المحاكمات التي تتنافى مع شرف الزمالة وأعراف الشعب السوداني المتسامح الذي يرفض العنف ويكره الضيم ولا يحب إذلال الرجال٠
سيدي البرهان إن الشعب السوداني ينتظر قرارا منك كبيرا؛ بأن تعفو عن هؤلاء الأبطال حلما وصفحا وتكرمة٠ثم استصحابا لوجدانهم السليم الذي رفض تكملة المشوار فالقانون يعاقب على الفعل ولا يبحث عن نوايا الناس وما تخفيه صدورهم٠ ولتكن أنت سيدي أول من بادر بالعفو والصفح إن كانوا بحق مخطئين ليضحي منك ذلك نموذجا حقيقيا تستلهم منه التيارات السياسية فكرة التسامح والتراحم والتوادد والتعايش السلمي الرحيم٠
ولأنك كبير نجدد مطلبنا العادل بأن يشمل عفوك سعادة العميد جمال محمد حمزة (جمال الشهيد) الفارس الصنديد أصدق الرجال وأعز الرجال واشجع الرجال الذي ظل معتقلا بلا تهمة ولاجريمة٠ أشهد أني كنت حرسه الشخصي في عديد الطلعات في شرق الاستوائية ما يكون هناك أقرب منه للعدو٠جمال الشهيد قصة بطولة وجسارة لم تكتب فصولها بعد٠ فإن رجلا مثله مكانه القصر بالقرب منك يصدقك وينصرك ويوقرك ويسندك ويمنحك الإشارة والبشارة أسمعها مني مرة فربما فزت على الأقل برفقة نادرة لرجل نادر وعظيم وأصيل في كل شئ٠

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى