وقيع الله حمودة شطة يكتب في (دلالة المصطلح) .. إخفاقات إدارية في مراكز سكن معلمي تصحيح الشهادة السودانية
أعلنت إدارة لجنة إمتحانات السودان بوزارة التربية والتعليم الإتحادية إنطلاق عمليات تصحيح الشهادة الثانوية السودانية يوم غد السبت الموافق الثالث والعشرين من يوليو الجاري للعام 2022 م الساعة السابعة والنصف بالعاصمة الإتحادية الخرطوم، حيث تم توزيع مراكز التصحيح للمواد الأكاديمية علي عدد من المراكز في العاصمة المثلثة الخرطوم، أم درمان، وبحري، وكذلك مراكز إسكان المعلمين والمعلمات، خاصة القادمين والقادمات من كل أجزاء السودان، وهذا تقليد وطني تليد وقومي درجت عليه وزارة التربية والتعليم الإتحادية منذ زمن بعيد، وهو موقف يجسد معاني الوحدة والتلاقي والإنسجام الوطني، بين معلمي السودان كافة، وهم يواصلون جهودهم التربوية والتعليمية، تربية، وتدريسا، وتصحيحا وأعمال (كنترول) ومتابعة، ورصدا، وتحليلا وتقييما، حتي نهاية العملية بإعلان النتيجة عبر مؤتمر صحافي سنوي يعد من أشهر المؤتمرات الصحافية والإعلامية، نتيجة أهمية الحدث الكبير، الذي يتابعه ويهتم به كل أهل السودان، لأنه يتعلق بمصائر ومستقبل أبنائهم.
خلال سنوات عدة ظلت لجنة إمتحانات السودان تتمتع بسمعة طيبة من واقع الترتيب، والتنظيم، والإعداد، والتنسيق، والتميز الإداري في التحكم والدقة في المتابعة، والمراجعة علي مستوي عملياتها المختلفة الفنية، والعلمية، والإدارية، والرقابية علي حد سواء، حتي فشي بين الناس والرأي العام تعذر وقوع الخطأ في تلك العمليات، نتيجه الجهود الجبارة، وتراكم الخبرات والتجارب، والحرص والمسؤولية الوطنية، والأخلاقية، والقانونية، وهي نجاحات ميزت لجنة إمتحانات السودان لسنوات عديدات، حتي نالت التقدير والتكريم والإشادة علي المستويين الرسمي والشعبي، وعلي مستوي وسائل الإعلام والرأي العام.
غير أن هذه السمعة الجميلة للجنة إمتحانات السودان بدأت تتشوه بعض الشئ، نتيجة أخطاء ظهرت وصارت ملازمة لإمتحانات الشهادة السودانية خلال السنوات الثلاث الماضية، فما هي أسباب هذا الإخفاق المفاجئ؟
وجدير بنا أن نذكر جملة من الأخطاء التي وقعت فيها وزارة التربية والتعليم الإتحادية، فيما يلي عمليات الشهادة السودانية بداية بعملية إعداد وطباعة وتوزيع المناهج، وعملية الإشراف الفني والعلمي علي محتوي المناهج، حتي بلغ الموقف وقوع تشبيه وتجسيد للذات الإلهية في المناهج، مقرر الصف السادس أساس أنموذجاً، الأمر الذي أثار موجة غضب عارمة في أوساط الرأي العام، وأولياء الأمور ووسائل الإعلام، انتهت بحرق هذا المناهج في بعض المدارس من قبل أولياء الأمور،ثم الأخطاء التي صاحبت عمليات التقديم والقبول في الجامعات والكليات، ونسب التخصيص، وتداخل الأسماء، وقضايا كثيرة ظلت مثار جدل واسع.
تأتي عمليات تصحيح الشهادة الثانوية السودانية هذا العام وسط تحديات، ومشاكل، وأزمات اقتصادية، وسياسية، وأمنية حادة، وبإعلان بداية عمليات التصحيح توافد المعلمون والمعلمات، هؤلاء التربويين الوطنيين الأوفياء من كل أجزاء البلاد، ليواصلوا جهودهم الوطنية المخلصة إزاء الوطن والشعب والقيم والمبادئ، التي ارتضوها من أجل بناء أجيال مستقبل السودان رغم الظروف الاقتصادية التي تحيط بهم ، وهم بذلك يستحقون الإهتمام والإكرام والتقدير والوفاء والإحترام الكامل، وهم ييممون وجوههم شطر الخرطوم من أجل هذا الحدث المهم، لكن للأسف ترتيبات اللجان الإدارية المتعلقة بالإستقبال والإسكان والضيافة، وتقديم خدمات الإستعلام والتوجيهات الإدارية غير مرتق لمستوي الحدث، وصانع الحدث، مما يضع هذه اللجان في موضع المساءلة، مساءلة الضمير قبل القانون والمحاسبة الإدارية، حيث قدر لي يوم أمس الجمعة القيام بزيارة بعض مراكز تصحيح وإسكان المعلمين والمعلمات إنطلاقاً من همي الوطني والإعلامي، فرأيت ووقفت علي كثير من السلبيات والإخفاقات الإدارية، التي تستدعي المعالجة الفورية، ونضرب مثالاً بمركز تصحيح وإسكان مادة اللغة العربية بمحلية شرق النيل مدارس الإبداع الخاصة بنات، ومدارس التعليم البريطاني، من حيث إختيار الموقعين، الإختيار موفق لجمال بيئة الموقعين، ومستوي التأمين الممتاز، وأسباب الإبداع لجمال البنايات، غير أن العيب يأتي من باب الإشراف الإداري في الإستقبال والتوجيه والمتابعة لوفود المعلمات القادمات من الولايات المختلفة، فمركز به حوالي ستمائة معلمة، وصل عدد كبير منهن حتي مساء السبت، فكانت الصدمة عدم وجود الأسرة والمراتب ! غرف خالية من السراير والمراتب، مما جعل المعلمات القادمات من الولايات المرهقات من وعثاء السفر يفترشن البلاط والتراب، ثم قطعت عنهن الكهرباء لعدة ساعات، ولم تقدم لهن وجبة معتبرة ، وتوجد مشكلة في ماء الشرب، مع غياب إداري وإشرافي عدا مشرفتين اثنتين بذلتا جهدا كبيراً، وتحملتا عبء الإشراف الإداري حتي منتصف الليل لكن دون حيلة !.
مثل هذا التجاهل المتعمد من اللجان المعنية بأمر هذه المراكز يقتضي التدخل السريع بالمحاسبة والمعالجة من أجل شريحة تستحق الإهتمام والرعاية، ونأمل أن تقوم لجنة إمتحانات السودان بجولة حقيقية للوقوف علي أمر هذه المراكز، مراكز الإسكان والتصحيح معا، وما مركز مدارس التعليم البريطاني لسكن المعلمات بشرق النيل، وسوء الأحوال فيه إلا أنموذجاً لعشرات المراكز مثله حول العاصمة المثلثة، ولنا عودة بإذن الله.