(صدى الاحداث) .. د.سامية علي .. مبادرة نداء السودان..هل وصلت الرسالة ؟!
من المؤكد ان مبادرة نداء اهل السودان (مبادرة الشيخ الطيب الجد) ، ليست وليدة اللحظة بل على ما يبدو انها جاءت بعد مخاض عسير من التفكير والتمحيص والدراسة المتأنية لما آل اليه حال السودان الذي اصبح لا يسر بل ويدعو للشفقة المحزنة والخوف العميق المفزع ، على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والجتماعي ، فعلى المستوى السياسي اصبح خطاب الكراهية وعدم قبول الآخر سمة اساسية في التعاطي بين القوى السياسية عموما والقوى الحزبية على وجه الخصوص مما انتج واقع مأزوم وأجواء محتقنة قابلة للانفجار في اي لحظة .
وعلى المستوى الاقتصادي فالأمر واضح ومعروف لدى الجميع ، حيث صار معاش الناس من الأزمات المستعصية وتمايزت كل الصفوف وذابت الفوارق الطبقية وصار الناس كل الناس سواسية كأسنان المشط يشكون المسغبة وقلة الحيلة في توفير ابسط مقومات الحياة ، اما على المستوى الامني فحدث ولا حرج ، لم يعد السودان البلد الآمن الذي يشار اليه بالبنان ويضرب به المثل في الأمن والأمان ، وصارت جرائم القتل والنهب والسحل في وضح النهار ، وان كثير من الجرائم الدخيلة على مجتمعنا اصبحت متفشية وسائدة مما اثرت على تركيبة مجتمعاتنا المحافظة .
كل هذه العوامل اثرت على المجتمع السوداني وشبابه على وجه الخصوص وبدأت تتغير سلوكيات الفرد السوداني رويدا رويدا ، كما تأثرت قيمنا النبيلة الجميلة التي تميزنا عن كل شعوب العالم ، بما ينذر بخطر محدق يتربص بسوداننا الحبيب .
كل هذه المعطيات وهذا الواقع المرير – في ظني- كان حاضرا حينما فكر القائمون على امر مبادرة نداء السودان ، ان لابد من تلافي وتدارك هذا الخطر الداهم قبل ان يتلاشى السودان وتنمحي معالمه .
وبالفعل تداعى نفر من اهل بلادي المخلصين الحادبين على مصلحة الوطن المهمومين بان يبقى السودان راسخا في اعماق التاريخ بقيادة الشيخ الطيب الجد وعكفوا على ايجاد مخرج لهذه الازمات والمحنة التي يمر بها السودان فكانت مبادرة نداء اهل السودان ، وكانت بحق نداء لكل اهل السودان بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم ومستوياتهم السياسية والاجتماعية شيوخا وشبابا ونساء ومهنيين وزعماء القبائل والطرق الصوفية ومنظمات المجتمع المدني واهل الاعلام .
جاء هؤلاء اليوم لتدشين المبادرة ملبين نداء الوطن ولسان حالهم ان هبوا جميعا لانقاذ السودان من وحله قبل ان يغرق في شبر الخلافات والشقاق وحب الذات ، امتلأت القاعة الرئيسية بقاعة الصداقة حتى فاضت ، فكان رجالات الدين والصوفيين وقادة الاحزاب (120) حزب سياسي و(40) مبادرة والسفراء والمبعوثين الدوليين ممثل الاتحاد الافريقي وممثل المبعوث الاممي وممثل سفراء الاتحاد الاوروبي وسفراء القارة الاسيوية والاوروبية والامريكية ، بما يعني ان المبادرة حظيت باهتمام محلي ودولي كبير .
وكان خطاب الشيخ الطيب الجد واضح المعالم احتوى على رسائل مهمة وجهها للداخل لكل اهل السودان وللخارج للدول الصديقة والشقيقة وللعالم العربي والافريقي ، وكان خطاب الداخل موجه للسودانيين بان اتركوا التحزب وانبذوا البغضاء والكراهية والصراعات وانصهروا في بوتقة الوطن الواحد لتعلو مصلحة الوطن فوق المصالح الحزبية والعصبية والشخصية ولنتكاتف جميعا من اجل انتشال السودان .
وخطاب الخارج موجه للدول الصديقة والشقيقة والعالم العربي والاقليمي ، بان السودان يحتاج لمساعدتكم ودعمكم اللوجستي للخروج من عنق الزجاجة الى براحات الحكم الديمقراطي عبر انتخابات حرة ونزيهة ، ومطلوب منهم “العالم الخارجي” لعب دور ايجابي بعيدا عن التدخلات الاجنبية السافرة والمآمرات التي تفضي للفتن وتمزيق الوطن والفرقة والشتات .
وجاءت كلمات ممثلي الاحزاب والقوى السياسية بذات المعاني بان كفانا خلافات وشقاق (وتعالوا نتفق على كلمة سواء) رافضين للتدخلات الاجنبية في شؤون السودان الداخلية وان السودانيين قادرين على لم شملهم وحلحلة مشكالهم فقط عليهم ان يستظلوا بمظلة الوطن ونبذ القبلية والحزبية والجهوية .
اذن فالمعطيات الحاضرة الان تشير الى نجاح مبادرة نداء السودان وانها ستمضي الى نهاياتها واهدافها ومراميها السامية النبيلة بجمع كل اهل السودان على كلمة سواء عناوينها لا اقصاء لا قبلية لا جهوية لا كراهية ، وحينها ستحل كل ازمات السودان السياسية والاقتصادية والامنية والمجتمعية وسيرتقي سوداننا الحبيب الى مكانته التي افتقدها بل الى آفاق ارحب ، فقط علينا ان نغلق باب الاحتماء بالخارج والارتهان الى الاجنبي، فعلى هؤلاء استيعاب هذه الرسائل، التي لم يغفلها خطاب الشيخ الجد .