لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب (قيد في الأحوال) ..الأمم المتحدة ، وانتظار خطاب السودان الهام بعد ثلاثين عام !
أُفتُتِحت اليوم الأربعاء، الدورة السابعة والسبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة، معلناً أمينها العام ، أنّ العالم في ورطة كبيرة، بسبب الإنقسامات والعنف وأزمة غلاء المعيشة ، محذِّراً بموجة من السخط العالمي ، وسيلقي مائة وخمسون رئيس دولة ، خطاباتهم من كافة أنحاء العالم ، بعد عامين من الغياب بسبب أزمة وباء كورونا.
ما يهمّنا في السودان، ومهما تباينت الآراء حول الشأن السياسي الداخلي، والصراع حول العسكر والمدنيين ، هو أنّ الحقيقة الماثلة للعيان ، اعتراف المجتمع الدولي بالمكوِّن العسكري ، بعد القطيعة التي سبّبها إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي ، وتأكّد لذلك المجتمع أنّ عدم توافق القوى السياسية، وعدم جاهزيتها لاستلام السلطة ، قد ترك فراغاً سياسياً كبيراً في الساحة السودانية ، سيّما بعد تنازل المكوِّن العسكري عن الشأن السياسي للأحزاب كليةً، وحتى الآن لم تتفق على صيغة للتوافق الوطني لإدارة ما تبقّى من فترة إنتقالية.
ومما يؤكد إعتراف المجتمع الدولي بالمكوِّن العسكري ، هو دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان للمشاركة في فعاليات إجتماعات الجمعية ، بعد غياب السودان عنها ثلاثين عاما ، ومتوقّع أن يلقي البرهان كلمة السودان غداً الخميس ، وعقد عدد من اللقاءات الجانبية الثنائية على هامش الزيارة .
وستحظَي مشاركة البرهان باهتمام إعلامي وسياسي كبير ، في ظل أوضاع داخلية معقّدة . وحتى تكون مشاركته هي الركيزة الأساسية لإيجاد الحلول ، عليه أن يضمِّن في خطابه ، تأكيده التام على تسليم السلطة للقوى السياسية المدنية ، متى ما توافقت ، وأن يسعى سعياً حثيثاً في توافقها، ويبلِّغهم أنه رغم وعود المجتمع الدولي ، وعقده “مؤتمر باريس” لدعم الإنتقال الديمقراطي ، العام الماضي ، والذي خرج بثلاثة أهداف ، تتمثّل في ، إعفاء ديون السودان الخارجية البالغة “58.8” مليار دولار ، وجذب الإستثمار ، ودمج البلاد في المجتمع الدولي، إلّا أنّ الشعب السوداني ظل ينظر لمخرجات ذلك المؤتمر الدولي بالوعود الدولية الكاذبة ، وخاصةً في عدم الإيفاء بتسديد الديون ، وعدم إنفاذ بند الإستثمار . وحتى يخلق أرضية صالحة للإنتقال الديمقراطي ، مطلوب من المجتمع الدولي الإلتزام بوعوده ، وخاصةً أزمة غلاء المعيشة التي تزداد كل يوم ، والظروف الإستثنائية التي يمر بها السودان من آثار حروب، من وجود مئات معسكرات اللاجئين والنازخين في حالة يُرثي لها ، وآثار كوارث طبيعية من سيول وفيضانات شرّدت آلاف الأسر، ومازال معظمها عالق في العراء ، رغم جهود الدول الصديقة ودعمها. ويخطرهم كذلك بأنّ البعثة الدولية التي جاءت بقرار من مجلس الأمن لتعين السودان في التحوِّل الديمقراطي، قد عجزت وفشلت.
ولحين عودة البرهان، مطلوب من كافّة قوي الثورة أن توحِّد رؤاها والتوافق بالحد الأدنى، إن لم يكن الكامل، للذهاب للقصر وتسليم البرهان توقيعات إتفاقهم ليسلمهم السلطة ، لإدارة ما تبقّي من فترة إنتقالية ، ذلك ليتأكد المجتمع السوداني والدولي على الأقل من مدى صدق المكوِّن العسكري من عدمه. والكرة الآن في ملعب القوى السياسية، لتتحرّك نحو القصر للإستلام ، إن كانت جادّة .
وآخر السطور ….. للذين يراهنون على تعكير الجو ، وخلق فتنة بين الجيش والدعم السريع، وجيوش الحركات المسلحة ، نقول إنّ هذه الجيوش ورغم تأخُّر بند الترتيبات الأمنية، وعدم إيفاء البعثة الدولية بما يليها من مهام ودعم ، وتعثُّر الفترة الإنتقالية ، إلّا أنّ الواقع أثبت أن هذه الجيوش تعي دورها الوطني تماماً ، بتفويتها الفرصة على الأعداء والمتربصين، لأنّ حدوث أي اشتباك بينها لهو دمار شامل للسودان، والذي لن يسلم منه أحد .
ورسالة أخرى أرسلها الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة في اليوم العالمي للسلام ، والذي يوافَي اليوم الأربعاء 21 سبتمبر 2022 ، أنّ سلام السودان هو وحدة القوات مجتمعة ، وأنّ قوات السودان هي صمّام أمان السودان ، وأنها قوات للسلام قبل أن تكون قوات للحرب. وأنّ وداع حميدتي للبرهان بكل حميمية قد أطفأ حمماً للبركان ليفتشوا عن نارٍ يشعلونها .. غير السودان .
وحفظ الله السودان
وشعب السودان
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
21 سبتمبر 2022