أعمدة

(بُعْدٌ .. و .. مسافة) .. مصطفى أبو العزائم .. يا حليل كسلا الوريفة …

في أغنية “الطير الخداري” التي كتبها الشاعر الغنائي الكبير الأستاذ إسحق الحلنقي ، جاء تخليد مدينته “كسلا” ووصفها بالجنة ، إذا ما ترجمنا الإسم نفسه للأغنية (الطير الخداري) إلى لغة الوجدان السوداني الذي يعرف ذلك الطير بأنه (طير الجنة) .
ولصديقنا العزيز الأستاذ إسحق صور رائعة ومذهلة ومؤثرة ، قد لا يجيء بمثلها إلا صديقنا الآخر المشترك الأستاذ عبد الوهاب هلاوي ، وهو كسلاوي قُح ، عرفته الشهرة وهو لم يزل في المرحلة الثانوية ، عندما تغنى له كبار المغنين ، ويخلط الناس خلطاً عجيباً وجميلاً ، فيقولون إن أغنية (فراش القاش) التي لحنها وغناها العندليب الأسمر الراحل “زيدان إبراهيم” هي أولى قصائد هلاوي الشعرية المغناة ، والحقيقة إن أول أغنية للشاعر هلاوي لحنها له أستاذ النغمة الراقصة المؤثرة ، الملحن وعازف العود الممتاز “بشير عباس” رحمه الله ، وكان عمر “هلاوي” آنذاك لا يتجاوز السابعة عشر ، وتغنت بها زينب خليفة وخديجة محمد (ثنائي النغم) وتم تسجيلها لإذاعة الكويت ، وكانت هي أول مدخل لأن (يقبض) صديقنا هلاوي مبلغاً مالياً مذهلاً آنذاك ، لكن الأغنية (طارت) من هلاوي ، مثلما ( طارت ) من “بشير عباس” الذي ظل يوالي الاتصال بالشاعر هلاوي مراراً لأنه رأى أن تتغنى بالأغنية (هادية وآمال وحياة كريمات الأستاذ عبدالمجيد طلسم) ، بعد ظهورهن معاً باسم (البلابل) .. ثم جاءت بعد ذلك أغنية (لو تعرف اللهفة) كأول أغنية تُغنّى مقترنة بإسم هلاوي ، وإسمها الحقيقي (الليل والدموع) ليتوالى إبداع الفني الكسلاوي من مدينته الحبيبة التي كان يعيش فيها وقتذاك مع أسرته طالباً بمدارسها الثانوية .
هل نبكي الآن على كسلا ، وعلى أيام هلاوي والحلنقي وغيرهم من شعرائها النابغين (؟). لا .. ، بل ألف لا .. ، فكسلا ما زالت هي كسلا بجبالها الراسيات و(قاشها) الثائر المتمرد ، وبإنسانها العظيم ، وبأحيائها الواسعة شرق وغرب القاش ، لأن الذي أصاب كسلا ليس أكثر من عارض سيزول بإذن الله تعالى ، وسيظل أبناء كسلا والذين عاشوا فيها يتغنون بالطير الخداري ، ويرددون المقاطع (الحلوة) :
يا حليل كسلا الوريفة الشاربة من الطيبة ديمة ..

لكن قبل أن نسدل الستار لابد من إشارة مهمة وهي أن شكل الصراعات داخل هذه الولاية وحاضرتها الجميلة الخضراء ، أوشك أن يؤثر على سمعتها بين المدن ، وهناك محاولات لزعزعة الإستقرار فيها … لكننا على ثقة تامة بأن أهل كسلا الذين هم أدرى بشعابها وتفاصيل وأسرار تماسكها ووحدة إنسانها ، سيقفون سداً منيعاً ضد أي محاولة يقوم بها البعض لإضعاف الولاية وإنسانها العظيم .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى