ويسألونك عن الصومال* !! .. -محجوب فضل بدری-
-دار جدلٌ كثيف علی ضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة،والوكالات التابعة لها،وتوسيع عضويةمجلس الأمن الدولی،وإعادة النظر فی الدول التی تملك حق النقض (الفيتو) !! والإستجابة للمتغيرات التی طرأت علی العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية،،حتی لاحت بوادر إندلاع حرب عالمية ثالثة تهدد بفناء الكون الذی نعيش فيه،خاصةً بعد نشوب (الحرب الروسية الأوكرانية) والتی أُطلق عليها الروس إسم (العملية الخاصة) وسرعان ما انخرطت الولايات المتحدة الأمريكية،وحليفاتها،ودول الإتحاد الأوربی،بشكل أو بآخر فی العمليات العسكرية بالإمداد الكبير بالأسلحة الحربية المتطورة والمعدات اللوجيستية،والضغط الهاٸل علی الإقتصاد الروسی،بقصد تركيع الدب الروسی،تمهيداً لفرض الهيمنة علی ذلك البلد الشاسع المساحة، المتعدد الموارد،المعتد بتاريخه،المتمسك بقيمه،الرافض للثقافة الغربية بما فيها تقنين الشذوذ الجنسی،فاتخذت الحرب لبُوساً آخراً يتعدی السيطرة علی الرقعة الجعرافية من أراضی جزيرة القِرم،وإقليم دونباس التابعتين لاوكرانيا-قبل الحرب- والتی ضمتها روسيا لجمهوريتها الإتحادية،وارتفع سقف الاصوات التی كانت تنادی بضرورة إصلاح الأمم المتحدة،الی وجوب قيام نظام عالمی جديد يسحب البساط من تحت أقدام أمريكا المهيمنة علی منظمة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها،وهنا لن تجد روسيا نفسها وحيدة فی هذا الميدان!!
-قبل الحرب العالمية الثانية كان هناك (نظام الإنتداب) إسم الدلع للإستعمار !! ومن الدول العربية،كانت هناك سوريا ولبنان تحت الإنتداب الفرنسی،وفلسطين تحت الإنتداب الإنجليزی،وقامت شعوب هذه البلدان بثورات دامية ومتصلة ضد دولتی الإنتداب،حتی نشبت الحرب العالمية الثانية،والتی بذلت فيها دولتی الإستعمار لشعوب هذه الدول وعوداً براقة،حملت أفكاراً جميلة،تُفضی إلی بزوغ فجرٍ جديد علی شعوب المنطقة،لكنها فی واقع الأمر لم تكن سوی عملية،يصح وصفها بأنهاBrilliant idea ، but not practical.
-وفی مٶتمر يالطا فی جزيرة القِرم(علی ساحل البحر الأسود) بتاريخ ٤-١١ فبراير ١٩٤٥م، إجتمع روزفلت وتشرتشل وستالين،وكان من بين ما اتفقوا عليه قيام هيٸة للأمم المتحدة،يكون لها (مجلس أمن دولی) يكون لهم فيه مقاعد داٸمة،لها حق النقض (الفيتو) وبتاريخ ٢٦ يونيو١٩٤٥م جری التوقيع علیميثاق الأمم المتحدة والتي هي منظمة حكومية دولية. وحدد الميثاق الأغراض، وهيكل الإدارة، والإطار العام لمنظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك أجهزتها الرئيسية الستةوهی الأمانة العامة، والجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومحكمة العدل الدولية، و *مجلس الوصاية۔
المبدأ العالمی الجديد يقوم علی أنّ (الشعوب المتخلفة)، والمستعمرة مسٶولية من مسٶوليات المجتمع الدولی كله،وأن العلاقة بين الدولة المستعمِرة،والدولة المستعمَرة،ليست علاقة خاصة بينهما،إنما هی علافة عامّة،ومن حق الأمم المتحدة،بل من واجبها كممثلة للمجتمع الدولی أن تتدخل فيها !!
واُتُفِقَ علی تقسيم البلاد غير المُستَقِلة إلی فٸتين،الفٸة الأولی،هی المستعمرات بوجهٍ عام،والفٸة الثانية هی المستعمرات التی كانت خاضعة لنظام الإنتداب قبل الحرب،وكذلك المستعمرات التی كانت تستعمرها (دول الأعداء) يعنی دول ألمانيا وإيطاليا و اليابان !!
-الدول من الفٸة الثانية وُضٍعَت تحت الوصاية،بما يعطی الأمم المتحدة حق الهيمنة علی هذه الفٸة،لكی تشرف-الأُمم المتحدة- عليها بتكوين جهاز خاص يُسمی (مجلس الوصاية) يُراقب إدارة الدولة الوصية للبلد المشمول بالوصاية،بكلِ مافی كلمةِ الرقابة من معنیً،والهدف النهاٸی لتك الوصاية هو(إعداد شعب الدولة المشمول بالوصاية،للإستقلال الكامل،طبقاً لمعاهدة محددة) !! وكانت البلدان التی تحت الوصاية حوالی (١١دولة)معظمها دولاً إفريقية۔والدول الوصية هی انجلترا،وفرنسا،وبلجيكا، وإيطاليا، ونيوزيلندا، وأُستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية،وجاء تشكيل مجلس الوصاية بما يضمن الأغلبية فی المجلس للدول القوية (ذات العضوية الداٸمة) فی مجلس الأمن لإبطال أی قرار يهدد مصالحها،وهذا ما يفيد ان الدول الوصية لم تكن راغبة فی إنهاء وصايتها والجلاء عن البلدان التی سيطرت عليها،ومنحها الإستقلال۔ ومن هذه الدول كانت الصومال
-شعب الصومال (كله) يدين بدين الإسلام،ولديه لهجات محلية كثيرة ،لكنه يُفَضِّل اللغة العربية،ويتسمی بالأسماء العربية،ويمتهن الرعی والتجارة والصيد،وكانوا لا يهتمون بالزراعة،لأنَّها كانت فی نظرهم حكراً علی المستعمر الإيطالی الذی يمتلك الجرارات والطلمبات والآلات الحديثة،وفی ذات الوقت لايعرفون هم الوساٸل البسيطة كالمحراث والساقية والشادوف وغيرها من الأدوات اليدوية۔
وكان الصومال مقسماً بين الدول المستعمِرة،،انجلترا،وفرنسا وإيطاليا،عندما فرضت عليه الأمم المتحدة الوصاية،وعينت لذلك مجلساً كان أحد أعضاٸه(السفير المصری كمال الدين صلاح)
وهو دبلوماسی مصری مهنی محنَّك، جاء الی مقديشو ،لكن ليس ممثلاً لمصر هذه المرة بل ممثلاً لهيٸة دولية،نبيلة المقاصد،مستقلة ومحايدة تهدف إلی تهيٸة الشعب الصومالی للإستقلال فی الموعد المضروب،فی عام ١٩٦٠م بالضبط كما يقول نظام الوصاية !! وقد إجتهد ماوسعه الجهد ضمن الإطار المحدد بتكليفه فی البعثة،بدعم المطالب الصومالية فی ترسيخ المقومات الأساسية لشعب الصومال الناشٸ،وتتلخص فی:-
*اللغة الرسمية* وخيارهم اللغة العربية۔
*الدين* وخيارهم الأوحد هو دين الإسلام۔
*الكرامة القومية* ۔
*التعليم الملاٸم لتاريخه وشخصيته* ۔
*الكيان الإقتصادی* ۔
فقررت الدواٸر الإستخبارية الغربية التخلص منه نهاٸياً وإخماد صوته وإلی الأبد،لدعمه الثابتٌ ووقوفه ضد المحاولات الغربية لجعل لغتهم (الايطالية والانجليزية) هی اللغة الرسمية بدلاً عن اللغة العربية !! إذ يتعذر تلقی علوم الطب والهندسة والأدب والفنون،بلغة بداٸية كاللهجات الصومالية،وآزرته الأحزاب الصومالية،مثل حزب وحدة شباب الصومال،وبقية الأحزاب التی أصرت فی مناقشاتها مع لجنة الأمم المتحدة علی التمسك باللغة العربية،فی ما حاربت اللجنة هذا الإتجاه،والذی يعنی فتح الباب لإنتشار اللغة العربية وروح التحرر، وبالمحصلة تهديد المصالح الغربية،بتحريضٍ خَفِی من مصر !!!
وقد تلقی كمال الدين صلاح طعنه أودت بحياته، ووضعت حداً
للجهود العربية المخلصة للدفاع عن الأمم العربية والإسلامية، والإفريقية ،والمحاولات المستميتة من أجل إشعال المزيد من الأضواء،لينير الدروب فی أرجاء القارة السمراء،ليطرد الوحوش الإستعمارية الكاسرة۔وهكذا بدأت الصوملة !!
