محمد عبدالقادر يكتب : اعتقال عطاف.. لماذا صمت هولاء؟!
اكثر ما يقلق في سودان ما بعد الثورة ان الانفعال بقيم الحرية وحقوق المواطنة بات مرتبطا بالانتماءات و(الضهر) السياسي والقبلي ، راينا كيف يقطع ذوو متهمين الطريق امام مكتب النائب العام والجهات العدلية بالمتاريس والشعارات والهتافات للمطالبة بانصاف معتقل كان الاولي ان ينال حقوقه المدنية كافة دون ابطاء باعتباره مواطنا في دولة ( الحرية والسلام والعدالة).. ومن الطبيعي ان يحاكم او يطلق سراحه او يتم التحفظ عليه وفقا للاجراءات القانونية المعلومة ..
مع اعتقال زميلنا الصحفي الاستاذ عطاف عبدالوهاب خفت صوت المطالبة باطلاق سراحه ودخلت الشعارات التي كان يرفعها من يحكمون اليوم ( صحافة حرة اولا صحافة) في اجازة مفتوحة.. صمت الجميع لان الحريات في حقبة الحكم المدني باتت توزع ببطاقة التموين الحزبية.. وان القوم تنكروا للمبادئ التي حملتهم الي كراسي السلطة وقد باتوا اذا اعتقلوا الشريف تركوه واذا قبضوا الضعيف قذفوا به في غياهب السجون دون ان يكلفوا انفسهم عناء تقديم تهمة.
مشكلة عطاف انه غير منتم سياسيا ولا يتبع لاية جهة حاكمة او معارضة.. وقد ظل صوتا لمن لاصوت له وسندا لمن لا ( ظهر) له وفق ما يتبني من قناعات و( حقانية) عرف بها ، لذا فانه الان مثل اليتيم في موائد اللئام.
الاحزاب سادتي وللغرابة لا تدافع الا حينما تنتهك كرامة احد منسوبيها ، كما ان المنظمات الحقوقية التي كانت تصدعنا صباح مساء و (جهرا) ببيانات الشجب والادانة اصابها خرس مفاجئ ومارست (صمت القبور) ، فالدفاع عن الحريات وللاسف الشديد كان بالنسبة لها (مجرد سلم) لاسقاط الانقاذ واعتلاء ظهر السلطة مثلما تبرهن الان،
اما الزملاء فقد باعوا عطافا في عرس ( مزادات الضمائر) بينما صمت عن المطالبة باطلاقه حتي الساسة المشاركين في السلطة والطامعين كذلك وقد ( اكل معهم الملح والملاح) وقدمهم عبر منبره المعروف ( صحافسيون) …وفي احسن الاحوال اكتفي بعضهم (عمر الدقير وياسر عرمان) بالتضامن مثلنا علي الرغم من وجودهم في كابينة قيادة الدولة حاكمين فاعلين تاركين..
لم يسعف عطافا حماس مستشار حمدوك الاستاذ فيصل محمد صالح في تبني الوقفات الاحتجاجية ضد حرية الصحافة علي ايام البشير ، ولم ينقذه تدخل حمزة بلول زميل المهنة وزير الاعلام في الدولة التي تعتقل الصحفيين، ولم يدركه تضامن الزملاء وقد توزعوا بين الولاء للاحزاب الحاكمة والصمت خوفا او طمعا في ما عند السلطة ..
لن تقف الصحافة يوما في وجه السلطة ان ارادت تنفيذ القانون بحق من اذنب واقترف جرما ضد الدولة والمواطن ولكنها لن تصمت كذلك علي اعتقال الناس دون تهم واسباب، اطلقوا سراح عطاف.. او قدموه للمحاكمة، فالمبادئ لا تتجزأ.. والحريات لاتوزع ب( البطاقة الحزبية)..