سهير عبد الرحيم تكتب: رحلة الولايات (مروي)
kalfelasoar76@hotmail.com
غادرنا دنقلا ويمّمنا وجهنا شطر مروي، ونحن على مشارف مدينة كريمة تلقّيت أتصالاً من مسؤول رفيع بالولاية الشمالية، سألني: لقد وصلتنا إشارة من الخرطوم تفيد بأنك على رأس وفد لزيارة الولاية الشمالية أين أنتِ الآن..؟!
أصدِّقكم القول لقد ضحكت كثيراً ولكنها ضحكة تحمل شيئاً من المرارة، قلت له في عهد الكيزان لو (اتونسوا نملتين مع بعض… ونستهم بتصل الخرطوم)، فهل يُعقل يا رجل أن أدخل ولايتك واستقبل في المدخل الرئيسي، ثم انتقل وأعضاء مبادرتنا إلى داخل المدينة واجتمع بعدد ثماني منظمات ونتحاور ونتشاور .
ثم انتقل إلى بيت الضيافة ومنه إلى فندق بلازا، ثم أذهب إلى التلفزيون الرسمي ونجري حواراً ونتفقّد الأستوديوهات .
ثم نخرج إلى مواطنيكم ونلتقيهم في مسرحكم الجامع ونستمع إلى حديثهم وشعرهم وغنائهم وطُرفتهم وشكواهم، ثم نخاطبهم ونُسجِّل معهم حلقة تلفزيونية .
ثم نعود أدراجنا إلى الفندق ونستيقظ صباحاً ونخرج إلى الموقف الكبير بالسوق ونُدشِّن حملتنا ونتحاور ونتناقش مع أكثر من مائتي مواطن .
ونخرج في محطة على الهواء مباشرة على الإذاعة الرياضية مع الزميلة هبة الحبر، ثم أخرج بعدها على الهواء مُباشرةً على قناتكم الرسمية، ونلصق ملصقاتنا ونطرح آراءنا.
ثم نُودِّع مُواطنيكم ونُغادر إلى مروي وحين نصل مشارف كريمة نُفاجأ باتصالك متى تصلون دنقلا..؟!
ردّ الرجل بأنه كان حاضراً لمُخاطبتي المواطنين في مسرح تهراقا ولكنه لم يكن يعتقد أنّي سهير ….!!!
المُهم والمُستفاد من الدرس أعلاه أن هذا البلد (قاعد في السهلة)، لذلك المخابرات الإقليمية تُعيث فساداً في أرضنا .
واصلنا طريقنا حتى جبل البركل والأهرامات، هنا لا أقول إلا الله …الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، واااا حسرتاه على الحضارة المهملة، وااا وجعاه على السياحة المنسية، واااا ألماه على التاريخ المطموس .
أهرامات شامخة عبر آلاف السنين لا يوجد بجانبها ما يخبرك بتاريخ أو معلومة… لا يُوجد أثر لاستثمار ، لأرشفة ، لحفظ ، لترميم ، لحماية ، لصون ، لا شيء على الإطلاق، لا معلومة لا باللغه العربية أو الإنجليزية أو اللغة الهيروغليفية أو حتى لغة الإشارة.
لا شيء وكأن السودانيين عاهدوا هؤلاء الأسلاف أن نحافظ على آثارهم بأن نكون مثلهم ولا نغير شيئاً، فصارت البقعة من حول الأهرامات وكأنه قد مضى عليها ثمانية الآف عام .
أو كما تقول الطرفة أننا يوم القيامة سنعيد السودان (صاغ سليم) لم نستثمر فيه شيئاً تماماً كيوم أن نزل سيدنا آدم عليه السلام إلى الأرض.
المأساة والكارثة الأكبر أنّ أسفل هذه الأهرامات مُدن كاملة وتوابيت وموميات، وآثار ومجوهرات وأوانٍ وسراديب، وأكاد اجزم أن نصفها تعرّض للنهب والسلب من قِبل المستكشفين وغيرهم .
بل أجزم وبقليل من الوقت كان بإمكاننا نحن أن نقتلع حجراً من أحد الأهرامات ونحمله في سيارتنا، لا رقيب ولا حسيب… إهمال منقطع النظير .
هل تُصدِّق عزيزي القاريء أنّ الثروة أعلاه غير مُسوّرة ولا محروسة، لا كهرباء ولا كاميرات مُراقبة لا شيء، حسناً هل شاهد أحدكم زاوية الصلاة في الشارع .
أقصد ما يقوم به الأطفال في رمضان مثلاً لتسوير مكان الإفطار أو الصلاة، تلك الأحجار التي يتم وضعها جنباً إلى جنب لتعطي شكل القبلة أو توضِّح إطار الصلاة، هل تُصدِّق عزيزي القاريء أن الأهرامات مُسوّرة بهذا الشكل، حجارة بجانب بعض وليس فوق بعض..!!
*خارج السور :*
ما يحدث لآثارنا يستوجب إعدام وزراء السياحة في كل الحقب التاريخية منذ الاستقلال وحتى الآن في ميدان عام.
*نواصل،،،*
*نقلاً عن الانتباهة*