أعمدة

د. عمر كابو يكتب في (ويبقى الود) .. خطوة في الإتجاه الصحيح!!

بتاريخ الرابع عشر من فبراير من الشهر الجاري وقبل عشرة أيام كتبت مقالًا حمل عنوان: (حوار البرهان) تعليقا على الحوار الذي أجراه الخسيس لقمان مع الرئيس البرهان جاءت خاتمته كما يلي :- ((أخيرًا فإنه بحاجة (أي البرهان) إلى أن يلاعب العالم كله لعبة المحاور فأي إعلان للتقارب مثلا مع دول في حجم روسيا والصين وتركيا سيجعل أمريكا وأذنابها يسارعون إلى الرضوخ وتقديم يد العون والمساعدة الحقيقية بعيدًا عن خطاب الترهيب والتخويف وفرض الرؤى الأحادية والوصاية)) أجل قلت ذلك قبل عشرة أيام من الآن ولا أدري هل قرأ النائب الأول حمدتي مقالي هذا أم لا؟؟ لكن ما أدركه أن ذهابه إلى روسيا خطوة في الاتجاه الصحيح تعكس قراءة واقعية للتحولات السياسية الكبيرة التي سيشهدها العالم باستعادة روسيا وحليفتها الصين ودول (البركس) لأمجادها بوصفها قطبًا ثانيًا له حضوره ومبادرته وقدرته في قيادة العالم مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت قد هيمنت على العالم كله وأضحت قطبا أحاديا ناهيا آمرا بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي..
ماجرى على أرض الواقع أثبت علو كعب روسيا و إمساكها بزمام المبادرة وهي تغزو أوكرانيا عسكريًّا ونجحت في جعل أمريكا وأوروبا تقفان مكتوفتي الأيدي ليس لهما غير فرض عقوبات اقتصادية قطعًا ستلقي بآثارها الاقتصادية عليها لكن في ذات الوقت ستلقي بظلالها السالبة بل والحارقة على اقتصاديات الغرب كله ما سيحمله للمسارعة للجلوس إليها والتفاوض معها صاغرا ذليلا مما يعني رضوخه واذعانه ونزوله عند شروط الروس٠
إذن زيارة حميدتي يجب قراءتها قراءة واقعية من عدة زوايا الأولى أن روسيا أكثر وفاء من أمريكا في مواقفها ؛فأمريكا التي سعت إليها حكومة حمدوك واستجابت لكل مطالبها من سداد مليارات الدولارات تحت بند تعويض ضحايا التفجيرات وفرض تشريعات استباحت قيمنا وشريعتنا وعاداتنا وتقاليدنا ووافقت على وصفة البنك الدولي الاقتصادية التي أفقرتنا وأجاعتنا رغم ذلك كله تنكرت الإدارة الأمريكية لحكومة حمدوك ورفضت تقديم يد المساعدة لهذه الحكومة الضعيفة مكتفية بالوعود البراقة ليجني منها حمدوك السراب..
على العكس من ذلك فقد ظلت روسيا وفية لكل تعهداتها العسكرية والسياسية مع السودان منذ حكومة البشير فلم تخلف وعدًا ولم تتقاعس عن التزام..
ومن هنا أكاد أجزم بأن حميدتي قد وفق أيما توفيق في اختيار توقيت الزيارة بعناية ودقة لدولة وفية لمن يخلص لمصالحها٠
أهم من ذلك فإن السودان يمر بظروف اقتصادية بالغة التعقيد ويعيش أزمة معيشية خانقة تحتاج إلى مساندة أما وقد بخلت أمريكا وأذنابها في دعم الحكومة فإن العقل والمنطق يرفضان أن تقف الحكومة متفرجة على مواطنيها والجوع يكاد يفتك بهم فإن البديل المتاح البحث عن حلول مع محور الصين وروسيا اللتين تجمعنا معهم مصالح مشتركة وتفاهمات سابقة بوسع حميدتي ووفده المرافق حسمها لصالح البلدين الكبيرين٠
فإن كان الأمر كذلك تحتاج الخطوة من حميدتي إلى عدم الرهبة والخوف من وعيد أمريكا والتي اتضح أنها الآن لا تستطيع فتح جبهة عداء جديد مع أي دولة ولو كانت في هشاشة أوضاعنا الماثلة حتى تتفرغ تمامًا لحسم صراع الزعامة والهيمنة التي بات مهددًا لعرشها بظهور زعامة جديدة ممثلة في ثنائية روسيا والصين والتي تشير كل الظروف إلى بروزهما قوة جديدة تستهدف قيادة العالم بديلًا قويًّا للهيمنة الأمريكية المستبدة..
ختاما يجب أن نتذكر دوما أننا عشنا ثلاثين عاما فرضت علينا أمريكا خلالها حربا اقتصادية قاسية كانت الأحوال فيها أفضل آلاف المرات مما نعيشه الآن بعد رفع تلك العقوبات الاقتصادية عنا فبحق باتت أحوالنا أسوأ بكثير من بعد رفع تلك العقوبات والمجاعة تضرب مناطق كثيرة من بلادنا والسيولة الأمنية تنعي أمننا وسلامتنا العامة والفوضي والعبث يشكلان أهم ملامح وضعنا السياسي المأزوم فإن كان الوطن في الحالين يعيش الضياع فلماذا لا نجرب فكرة البحث عن حليف استراتيجي آخر يصنع الفارق ويعيد لنا التوازن والرضا؟؟!!

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مع احترامي لرأيك روسيا لاتمنح معونات مالية سواء قروض وليس لها اي نفوذ يذكر في المؤسسات المالية الدولية لصندوق النقد الدولي ولا البنك الدولي
    هذه المؤسسات المالية أسسها الغرب بعد الحرب العالمية الثانية وقد لعبت امريكا الدور الأكبر في إعادة بناء أوربا بعد الحرب العالمية الثانية من خلال مشروع مارشال او خطة مارشال (وزير المالية الأمريكية وقتئذ)
    ممكن روسيا اديك سلاح و ومواجهات والان اقفلوا منها السوفت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى