العلاقة بين حصاد المياه والنزوح.. إبراهيم شقلاوي
يظل الماء أساس الكائنات الحية (وجعلنا من الماء كل شي حي). وهو أساس خصوبة الأرض وانتعاشها واخضرارها (ومن آياته انك تري الأرض خاشعة فأذا أنزلنا عليها الماء إهتزت وربت إن الذي احياها لمحي الموتي أنه علي كل شيء قدير) السودان كأحد الاقطار الاستراتيجية في عالمنا العربي والافريقي يحوز علي ثروات مائية ضخمة ومهمة بجانب الثروة الحيوانية.. والثروات الاخري من البترول والمعادن والثروة البشرية والتراثية التي تشكل مجتمعة عماد الاقتصاد القومي .. مماجعله يحوز علي مزايا تفضيلية قلما تجتمع في قطر واحد في الإقليم .. كما أن موقعه الجيوسياسي جعله مميزا وسط الاستقطابات الإقليمية والدولية التي يضج بها عالمنا المعاصر.. وقد ارتبطت تلك الثروات بنشؤ الحضارات القديمة.. كما ارتبط التطور الاقتصادي في المجتمعات المحلية والريفية بوجود المياه التي تعد حافزا اساسيآ علي الاستقرار وتطور الحياة الاجتماعية..
والعكس أن الجفاف مرتبط بالنزوح وعدم الاستقرار وتدهور حياةالمجتماعات وازدياد حدة الفقر والهجرات نحو المدن.. وقد ظل السودان يعاني من هذه الظاهرة بل خلقت واقع ادي الي الحروب والنزاعات علي المرعي والثروات الزراعية والارض.. وقد عاش السودان منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي تأثره بهذه الظاهرة حيث تأثر حوالي اربع مليون او يزيد سوداني من اثار هذه الظاهرة واصبحوا لاجئين في مناطق اخري.. داخل وخارج البلاد.. بعضهم هاجر نحو المدن الكبيرة والاخر الي دول الجوار حيث تاثروا بعد ذلك بظاهرة الفقر من واقع ضعف التعليم .. و ضعف القوة الشرائية لديهم وعدم وجود مهن تتناسب وقدراتهم الشرائية.. كما تاثروا كذلك بالتضخم وغلا المواد الغذائية والاستهلاكية.. كما تبين ذلك في البطالة جراء هذه الهجرات الاضطرارية.. اكثر من ذلك ساهم ارتباط البلاد بالسياسات الاقتصادية باستراتيجية المؤسسات المالية العالمية.. وتزايد الاعتماد علي الخارج في توفير الغذاء.. مما انعكس سلبا علي سيادة البلاد وتزايد مديونياتها.. وتعطل حركة الإنتاج الاقتصادي.
الان الواقع يؤكد ان السودان بامكانه النهوض والمساهمة ضمن المنظومة الدولية في توفير الغذاء لنفسه ولجيرانه .. من خلال دعم الريف بتركيز العمل في مشاريع حصاد المياه التي بامكانها الاستفادة من مياه الأمطار التي تقدر ب 450 مليار م٣ فى العام حيث يمكن ذلك من قيام المشاريع الزراعية التعاونية.. بجانب المشاريع الكبري التي تعتمد علي النيل الرئيس وروافده .. في وجود الاستعداد العربي والاقليمي للمساهمة في هذه المشروعات.. وقد تجسد ذلك من واقع التجارب السابقة للصناديق العربية.. التي قدمت العون لحكومة السودان بدعم مشروعات السدود الكبيرة والصغيرة ومشروعات حصاد المياه مثال لذلك صندوق ابو ظبي للتنمية والصندوق السعودي للتنمية والصندوق الكويتي وبنك التنمية الافريقي.. فضلا عن مساهمة الدول الشقيقة و الصديقة دولة الصين و الجايكا اليابانية.
الان هناك كثير من مشروعات حصاد المياه تحت التأسيس وبعضها توقفت فيه اعمال الصيانة الدورية بسبب شح الموارد و انعدام التمويل.. لذلك بات الامر ملحا بالنظر للمجهودات التي تبذلها حكومة السودان حاليا عبر وزير المالية جبريل ابراهيم الذي صرح موخرا انهم بصدد احياء مشروع الامن الغذائي العربي.. وكشف الوزير عن الجهود المبذولة لتفعيل مبادرة الأمن الغذائي ضمن الأجندة القادمة والتي تعطي السودان فائدة كبيرة للاستثمار في هذا المجال.. تلك المجهودات كفيلة باحياء العمل في سدود حصاد المياه بجانب إكمال الدراسات اللازمة للاستفاد من المساحات الزراعية التي تمتلكها البلاد في ظل وجود الري المنتظم واستفادة السودان من الوفورات المائية المتوقعة جراء قيام سد النهضة.. وذلك بلا شك كفيل بالحد من النزوح الي المدن الرئيسية وخلق الاستقرار اللازم في الريف السوداني.. لذلك تظل العلاقة وثيقة بين أهمية الاستمرار في مشروعات حصاد المياه للحد من النزوح.. ودعم الأمن الغذائي العربي.
دمتم بخير.