أعمدة

*بُعْدٌ .. و .. مسَافَة* *مصطفى ابوالعزائم* *ساعات عمل .. بلا عمل ..!*

حرصت على تلبية دعوة كريمة من زميلنا الأستاذ الطيب سعدالدين ، من إعلام ولاية الخرطوم ، بإسم الوالي أحمد عثمان حمزة للمشاركة في ورشة عمل عن تنظيم وادارة الوقت ، تحت شعار الوقت هو الحياة ، تنظمها الولاية بالتعاون مع المنظمة القومية لإحترام الوقت يوم الإثنين السابع عشر من أكتوبر الحالي ، يقدمها المدرب الدكتور محمد عبدالله هِمّت ، وكنت داخل القاعة المخصّصة لورشة العمل قبل الموعد ، لأعرف مدى إلتزام المشاركين في الورشة بالموعد المحدد لها ؛ لكن لم يتأخر أحد ، وسجل الجميع حضورهم باكراً بمن فيهم السيد الوالي واستاذنا البروفيسور علي شمو ، وهو الرئيس الفخري للمنظمة .
كان الموضوع جاذباً ومهماً ، وشارك في الورشة كل مديري الإدارات تقريباً بحكومة ولاية الخرطوم ، وعدد كبير من الرموز والشخصيات العامة ، من بينهم رجل الأعمال الكبير وأحد الباذلين الجهد والوقت والمال من أجل قضايا مجتمعه ، السيد صالح عبدالرحمن يعقوب ، والسفيرين الدكتور علي يوسف ، و عبدالحافظ ابراهيم ، والمهندس عبدالغفار الكودة ، والشيخ الأستاذ الماحي حاج علي خطيب وامام الجمعة في مسجد الشهيد الزبير في المهندسين بأم درمان ، وكثيرون ، وذلك الحضور الكبير كان لسببين في تقديري الشخصي ، الأول هو أهمية الموضوع وأثره في التنمية البشرية والحضرية ، ثم لمتابعة ما يقوم به والي الخرطوم من عمل كبير رغم ضيق الإمكانيات المتاحة أمامه وأمام حكومته ، بل وأمام كل بلادنا في هذه الظروف والتعقيدات السّياسية الحرجة .
تذكرت أبيات أمير الشعراء أحمد شوقي التي يقول فيها :
دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني ..
فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ٌثاني .
والحياة بالفعل دقائق وثوان ، وهي قصيرة إلى أبعد الحدود لكن الإنسان يرى كأنما هو خالدٌ مخلدٌ فيها ، وهو يعمل ويسابق الزمن من أجل كسب الوقت وإختصاره وظهر ذلك في المخترعات ، مثل صناعة العربات التي تجرها الخيول ، إلى صناعة السيارات الحديثة ، وحاول عباس بن فرناس أن يختصر المسافات من خلال محاولته الطيران ، وقد فقد بسبب ذلك حياته ، لكن محاولات اللاحقين لم تتوقف فوصل الإنسان القمر ، وغزا الفضاء ، وتطورت أساليب البشرية في أكتشاف وتطوير وإستغلال الطاقة ، وأحال كثير من الناس ليلهم نهاراً بالثريات والإضاءة الكهربائية وغير الكهربائية ، يحاولون أن يعيشوا ساعات أطول من الساعات التي كانت ستكون على الأسرّة وتحت الأغطية في ليالي الشتاء أو بدون أغطية في ليالي الصيف .
ثم جاء قرننا الحالي الحادي والعشرين ، فكانت ثورة الإتصالات الحديثة التي أحدثت هذا التغير الكبير في حياة الإنسان ، والتحول الكبير في مسيرة الإنسانية .
كانت ورشة تنظيم وادارة الوقت تنبيهاً مهماً لنا لنكون أكثر حرصاً على إستثمار الوقت ، خاصة ساعات العمل داخل دواوين الخدمة العامة ، وقد أثبتت دراسة قام بها البروفيسور محمد حسين ابوصالح عن أن متوسط عمل موظف الخدمة العامة في السودان لا يتجاوز الخمس وأربعين دقيقة من سبع ساعات عمل مطلوبة .
من داخل ورشة العمل تلك قدمت مقترحاً ليكون ضمن توصيات الورشة ، يقضي بإستخدام الأجهزة الخاصة بمنع وتعطيل شبكات الإتصالات داخل مؤسسات الدولة ، لأن كثير من الوقت يتم هدره في إستخدام الوسائط ، وإذا تم تعطيل شبكات الإتصالات فإن هذا يعني توفير ساعات عمل وجهد أكثر لصالح الخدمة العامة ، وهو لا يحرم الموظف أو العامل من إستخدام هاتفه للمحادثات فقط ، بينما تتوفر خدمات شبكة الإتصالات للأجهزة الخاصة بالعمل فقط .
ومن أجل تحقيق مكاسب أكثر وتوفير ساعات لصالح العمل وللمواطن رأينا أن تتجه الدولة في عموم مؤسساتها ذات الإرتباط بالجمهور خاصةً في مجال الخدمات ، إلى العمل بنظام التواصل الإلكتروني ، حتى نتجاوز مرحلة ( تعال بكرة أو بعد بكرة ) وقد رأينا نجاح التجربة في تعاملات الشرطة في تقديم خدمات الجمهور ، ومثل ذلك مع تعاملات وزارة التربية والتعليم ، خاصة في مجالات استخراج الشهادات وتعبئة الإستمارات ، وهو ما تعارف الناس على تسميته بالحكومة الذكية .
تحية للسيد والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة ولكامل طاقمه المساعد في الولاية ومحلياتها السبع ، وللمنظمة القومية لإحترام الوقت ، ولكل الذين شاركوا في تلك الورشة .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى