لواء شرطة م عثمان صديق البدوي (قيد في الأحوال) .. متهمو الإنقلاب، ما بين”الفينا مشهودة” و”الشينة منكورة” !!
يتابع المجتمع السوداني هذه الأيام جلسات مداولات محاكمة المتهمين في بلاغ انقلاب 1989، حيث يحاكم المتهم الثالث عمر البشير مع نحو ثلاثة وثلاثين آخرين ، بتدبير ما عرف بانقلاب الإنقاذ في 30 يونيو 1989.
إستمعت المحكمة لأقوال المتهم الأول، يوسف عبد الفتاح، وملخص أقواله، أنه سمع بالإنقلاب في اليوم الثاني ، وأنّ أول دور له بعد الثورة ، هو تولي منصب نائب والي الخرطوم . ثم جاءت إفادة المتهم الثاني نافع على نافع ، والذي رفض الإدلاء باقواله أمام لجنة التحري ، بحجة عدم ورود اسمه علي لسان شهود الإتهام ، وفي رده على سؤال القاضي عن المنصب الذي تقلّده بعد الإنقلاب قال أنه تولي منصب نائب رئيس جهاز الأمن ، علماً بأنه تولي عدة مواقع ، آخرها مساعد لرئيس الجمهورية ونائب لرئيس الحزب . أما المتهم الرابع على الحاج ، أفاد أنه لم يكن لديه أي دور في الإنقلاب لتواجده خارج البلاد وقتها، وعاد بعد ستة أشهر من الإنقلاب. ثم كانت إفادة المتهم الخامس يونس محمود وملخصها في أنّه ليلة الإنقلاب كان يعمل بدائرة التوجيه المعنوي، وصبيحة الجمعة تأكّد أنّ القوات المسلحة استلمت السلطة ، وأنه أخذ شريط البيان الأول وأوصله للإذاعة حسب توجه إدارة التوجيه ، مؤكداً عدم صلته بالإنقلاب وتخطيطه . أما المتهم السادس الطيب إبراهيم محمد خير ، جاء ملخص حديثه، أنه يوم الإنقلاب كان مناوباً بالسلاح الطبي، ولم يكن له أي دور في الإنقلاب، حتى صدور قرارٍ رئاسي بتعيينه وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء . المتهم السابع فيصل مدني مختار ، قال أنه لم يخطط ولم يشارك ولم ينفذ الإنقلاب، وأنه اختير عضواً بمجلس الإنقلاب دون علمه، وأنه قدّم استقالته من المنصب بعد ستة أشهر .
وضح جلياً، أنّ جميع المتهمين، ومن خلال نطق أقوالهم ، أفادوا بأنهم بريئون من إنقلاب الإنقاذ ، براءة الذئب من دم ابن يعقوب ! ، بالرغم من أنهم هم الذين خاضوا في بحر الإنقاذ ، و”عاموا فيه عوم”! وكانوا يمجِّدون الإنقاذ عبر الآلات الإعلامية يومياً ، بأصواتهم التي مازالت ترن في الآذان ! ، حين اعتنقوا فكرها وانخرطوا فيها ودافعوا عنها، وخاصموا فيها، والدعوة لها، والحشد لها ، وفوق ذلك، استفاد معظمهم منها في بناء حياتهم الخاصة بإنشاء العمران الأفقي والرأسي في أحسن المواقع في العاصمة ، وتأسيس الشركات الخاصة والمشاريع الزراعية الضخمة ، وخلق علاقات خاصة مع قادة وزعماء الدول، أفادت معظمهم كثيراً لمصلحة أنفسهم . بعد كل ذلك نكروا.. وتنكّروا لثورتهم التي كانوا يسبّحون لها ! ، ولقائدهم الذي كم “عرضوا” معه في المحافل والإحتفالات في أعلى المنصات !!، وردّدوا معه في نشوات الفرح والملمّات :
لزّام التقيلة والعاطلة درّاجا
ورّوني العدو واقعدوا فرّاجا
بعد كل ذلك ، تركوا لزّام التقيلة لوحده.. “ليشيل التقيلة براهو “،، و”ياكل نارو” ! ، وبعد أن غنّوا معه :
الفينا مشهودة
عارفانا المكارم
نحن بنقودا
هم اليوم في تعداد “الشينة منكورة”!!.
إلى أن جاءت لحظة وقوف المتهم الثالث ، عمر حسن أحمد البشير ، أمام المحكمة ، حين وقف وقال :(إنني أقول بكل فخر ، أنا قائد ومفجِّر ثورة الإنقاذ) ! ، ثم سرد تفاصيل استلامه للسلطة، بعد تدهور الأوضاع، وأنّ استلامهم للسلطة كان بموجب المادة 12 من الدستور، وقال :(أتحمّل كل مسئولية الثورة كاملة، أُثبتُ حقيقةً، أنّ أعضاء الثورة لم يكن لهم دور في التخطيط ، ولا التنفيذ) وقال ( لم يتدخّل شخص مدني واحد في التنفيذ ، ولم نكن بحاجة لمدني)!.
وقف المتهم الثالث عمر البشير معترفاً بكل تفاصيل الجريمة ، وأنه هو الذي قام بكل ذلك. وبأقواله واعترافاته هذه ، هو الآن جاهز لأي عقوبة يوقعها القضاء السوداني عليه ، مهما كانت قساوتها.
وينتظر الشعب نهاية حكم القضاء، إن كان المتهم في الإنقلاب هو (الثالث) فقط ، أم معه آخرون .
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
20 ديسمبر 2022