أعمدة

مصطفى ابو العزائم يكتب في (بعد ومسافة).. الجيش ..صناعة التغيير .. وحمايته

بدايةً استأذن القارئ الكريم في إعادة نشر هذا المقال ، في الرد على الوزير الحالي ، ورجل الأعمال الذي بنى امبراطوريته المالية في فترة حكم الإنقاذ ، وهي الفترة التي عرفناه فيها ، ونقصد إبراهيم الشيخ ، والمناسبة هي هجومه ، وتهجمه على الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، بصفته قائداً للجيش السوداني .
لا ندافع عن البرهان أو نرد هجوم إبراهيم الشيخ عليه ، فالرجل أقدر على أن يدفع عن نفسه ويدافع ، لكننا نريد أن نثبّت قيمة مهمة وضرورية ، ليست قيمة إحترام الآخر وحدها ، خاصة إذا كان شريكاً في الحكم ، بل نريد تثبيت قيمة معنى الجيش نفسها ، ودور القوات المسلحة السودانية الوطني ، و .. لا نريد الإطالة بل ندفع بهذا المقال المنشور يوم الأحد الحادي والعشرين من يونيو من العام الماضي ، علّ الذكرى تنفع المتهجّمين .

===================

ماحدث في منطقة (وادي سيدنا) العسكرية بداية ديسمبر من العام الماضي والمتمثل في اللقاء الذي تم بين رئيس مجلس السّيادة الإنتقالي وبين الضُّبّاط وضُبّاط الصف والجنود ، كان مؤشراً إيجابياً إذا ما قرأنا حديث السّيد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بتأنٍ ورويّة تقود إلى الفهم الصحيح لدور القوات المسلحة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا السياسي ، وهو دور لم يتغيّر بتغيّر قيادات الدولة أو قيادات الجيش السوداني ، على مر عهود الحكم منذ الاستقلال.
ماذا قال البرهان (؟) قال إنّ الجيش صَنَع التغيير وإن القوات المُسلّحة ملتزمة بحماية ثورة ديسمبر إلى أن تبلغ أهدافها ومراميها ، وانها لن تخذل الشعب أبداً ، وستظل عصيّة على كل إستهداف ، وأنها إنحازت إلى جانب الشّعب من مُنْطلَق واجباتها الوطنية ، وانها تعمل على إعلاء قيمة المواطن .
تاريخياً لعبت القوات المسلحة أدواراً عظيمة بل وكانت صمّام أمان للبلاد من الإنزلاق نحو الفوضى ، رغم محاولات التسييس التى تعرّضت لها . ويحفظ تاريخنا القريب انه في عهود الديمقراطية الحزبية ، وعندما إستفحل الخلاف بين الأحزاب الحاكمة في العام 1958م ، لم تجد الأحزاب بداً من اللجوء إلى الجيش وتسلمه السلطة في (17) نوفمبر بإتفاق السيدين .. وعندما ثار الشّعب ونقاباته ضد الحكم العسكري الأوّل الذي كان قد حظر العمل الحزبي ، تحركت مجموعة من الضُبّاط لحسم الأمر لصالح الثورة في أكتوبر عام 1964 ، وقد سمِعت هذا من أفواه كثير من السياسيين ، وعلى رأسهم السّيد الإمام الصادق المهدي _ رحمه الله_ الذي أعترف بدور أولئك الضباط في إنجاح الثورة بالضّغط على المجلس العسكري الأعلى .
في أبريل 1985 كان الإنحياز للثورة الشعبية واضحاً ، بل جاء من أعلى قمة الهرم في القوات المسلحة بقيادة المُشير عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب – رحمه الله – وكذلك في أبريل قبل الماضي ؛ لذلك لن يستطيع أحدٌ أن يُقلّل من دور القوات المسلحة في الماضي أو الحاضر ، رغم محاولة إستغلال (الكاكي) في التسويق للأنظمة الطائفية أو العقائدية.
حديث السيد البرهان ذاك الذي لن تمحوه الأيام ، يفتح الباب أمام دوَرٍ مطلوب بشدة يتم النّصّ عليه في الدستور الدائم بعد إنقضاء الفترة الإنتقالية ، للقوات المسلحة لتكون حامية للدستور والممارسة الديمقراطية ، حامية للبلاد من أي إنزلاق أو إستغلال سياسي للجيش ، لكن هذا يتطلب مُدَارسةً ومُفَاكرةً وإجتهاداتٍ مُبكِّرة من خلال ورش عمل متصلة يتم فيها إستصحاب آراء الخبراء العسكريين وخبراء العلوم العسكرية والأمنية إلى جانب عدد من الخبراء الدستوريين والقانونيين والسّاسة والقيادات المجتمعية لضمان حماية وصيانة الدستور ولضمان حماية الأمن القومي للبلاد ، والذي هو قدرة الدولة على تحقيق درجة أمان قصوى لشعبها وأرضها وثرواتها وكامل سيادتها ، إضافة الى حماية الأمن الكلي الذي يشمل حماية ممتلكات ومصالح الدولة في الدول الأخرى ، مثل حماية الجاليات والبعثات الدبلوماسية والقنصلية والملحقيات المختلفة والمصالح الخاصة بالدولة ومواطنيها.
لقد فتح خطاب البرهان أمام منسوبي قاعدة وادي سيدنا العسكرية الباب للحديث عن دور دستوري متفق عليه للقوات المسلحة … ليتنا بدأنا . فقد سبقنا الآخرون كثيراً .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى