إعادة تشكيل لجنة استئنافات قرارات لجنة إزالة التمكين بين مسار الإجراءات القانونية السليمة ومال ما تبقى من قرارات لجنة إزالة التمكين
بقلم المستشار فائز بابكر كرار
《أن اى عملية تحول وإصلاح قانونى لا تصحبها السلامة الإجرائية والقانونية يكون مصيرها الإلغاء 》.
صدور قرار مجلس السيادة بإعادة تشكيل لجنة استئنافات قرارات لجنة إزالة التمكين.
على جهات الاختصاص أن تزيل آثار القرارات وتبقى على الشركات ورؤوس الأموال المشتبه فيها أفعال الفساد والتمكين فقط .
جاء فى المادة (8) من قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وازالة التمكين لسنة 2019 تعديل 2020 تنشأ لجنة من خمسة أشخاص يكونها مجلسا السيادة والوزراء تسمى ” لجنة الاستئناف ” بغرض النظر والفصل في الاستئنافات المقدمة ضد القرارات الصادرة من لجنة إزالة التمكين.
وبعد تعديل قانون لجنة إزالة التمكين فى 2020 اضيف “يجوز استئنافات أى من القرارات الصادرة عن لجنة ازالة التمكين خلال أسبوعين من تاريخ الإعلان عنها بشرط اذا كانت مبنية على مخالفة لأحكام قانون اللجنة أو الخطأ فى تطبيقه مع الزام تقديم الاستئناف من المتضرر شخصيا”.
هذه الفقرة بعد اضافاتها حصرت وقيدت استئنافات قرارات لجنة إزالة التمكين شكلا وموضوعا انتهجت نهجا يخالف أسس وقواعد الاستئنافات المرسومة قانونا.
فى الأحكام المتنوعة من قانون لجنة إزالة التمكين المادة(12) الفقرة (6) أعطت لجنة ازالة التمكين حق مراجعة قراراتها من تلقاء نفسها او بناء على طلب المتضرر دون تحديد القواعد الموضوعية لماهية المراجعة وهنا يمكننا استصحاب ما جاء في المادة(8) الفقرة (2) في إشارة القيد الموضوعي لاستئناف قرارات اللجنة المبنية على مخالفة أحكام قانونها أو الخطأ فى تطبيقه.
《حالة الرفض والاستئناف
وانعدام سلامة الإجراءات 》
《أن اى عملية تحول وإصلاح قانونى لا تصحبها السلامة الإجرائية والقانونية يكون مصيرها الإلغاء 》
فى مقال سابق ذكرنا ان لجنة ازالة التمكين إذا رغبت فى تحقيق غاية إزالة التمكين واسترداد الأموال كان عليها أن تسلك الإجراءات السليمة حتى تحصن قراراتها من الإلغاء والإبطال، عند عرضها للرقابة القضائية.
ويمكن ببساطة اذا سلمنا بشروط وقيود الاستئناف الواردة فى المادة(8) من قانون لجنة إزالة التمكين في أن تكون الاستئنافات مبنية على مخالفة أحكام قانون اللجنة أو الخطأ فى تطبيقه إن أى قرار تجتمع فيه عدم المشروعية وعدم الاختصاص موضوعا وسلطة واختصاص ، وانعدام الإجراءات السليمة شكلا واتباعا ، مع انعدام السبب والتسبيب السليم ، هذه الجوامع مجتمعة تقود السلطة التي أصدرت القرار الى عيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وعندها تسؤ الجهة استعمال السلطة و يعتريها العيب فى قواعد الاختصاص والشكل .
تشريع القانون واكتسابه للمشروعية لايعنى الاختصاص المطلق فى التطبيق والتصرف، قاعدة الاختصاص قاعدة مقيدة لتطبيق القانون ، قد تكون قواعد القانون تحكم المسألة ولكن آليات القانون غير مختصة حينها تحال القواعد المراد تطبيقها ليحكم تطبيقها قانون آخر وحينها يكون هذا الشرط المقيد لقواعد الاستئناف لامحل له فى إرساء مبدأ مشروعية الشرط وتطبيقه لأن النصوص تفسر وفق الغرض الذي شرعت من أجلها تطبيقا للعدالة وليست انتصارا للجهة التى صدر منها القرار المستأنف.
انحصر قانون لجنة ازالة التمكين والتفكيك فى غايتين هما التفكيك واسترداد الأموال وأفعال الفساد.
وان الغاية من تشريع القوانين لتحديد خطوط السير والالتزام بما جاء فيها وتطبيقها لتحقيق الأهداف التي صدرت من أجلها والمحاسبة والمساءلة عند تجاوزها ومخالفتها وفق الطرق القانونية المستقرة قانونا وقضاءا.
السؤال هل تبقى شيء من قرارات لجنة إزالة التمكين بعد صدور أحكام المحكمة العليا الدائرة الإدارية فى الفصل فى كثير مما صدر من قرارات لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال؟
ويتفرع من ذلك ما جدوى إعادة تشكيل وتكوين لجنة الاستئنافات؟ ومدى تأثير القيد الزمنى لنظر استئنافات قرارات لجنة إزالة التمكين بعد مرور المدة الطويلة وانقطاع عمل اللجنة ؟
ان اعادة تشكيل لجنة الاستئنافات من ناحية عملية لا يحقق جدوى قانونية في ظل تجميد عمل لجنة إزالة التمكين وتعطيل الصفة القانونية للجنة .
لكن بالمقابل والمتابع لقرارات المحكمة العليا القاضية بإلغاء قرارات لجنة ازالة التمكين اغلبها انحصر بل جلها فى الشق الاول من عمل وقرارات اللجنة الخاص بتفكيك بنية التمكين وإنهاء الخدمة ، إلا أن هنالك جانب استرداد الأموال صدرت فيه عدد من القرارات وتم حجز الأموال والممتلكات ، وايضا هنالك قرارات احترازية استباقية صدرت من لجنة إزالة التمكين فيما يخص الشركات التجارية ومنع تحويل ملكية الأسهم لجميع الشركات المسجلة فى السودان وتجميد عدد من الأرصدة والأموال دون تحديد قوائم الشركات مشتبه فى ملكية أموالها ومازالت اثار هذه القرارات باقية بل عطلت عمل عدد من الشركات ورؤوس الأموال وحتى بعد صدور قرارات تجميد أعمال لجنة ازالة التمكين مازالت القرارات باقية وكان على جهات الاختصاص أن تزيل آثار هذه القرارات وتبقى على الشركات ورؤوس الأموال المشتبه فيها أفعال الفساد والتمكين .
نتفق ونتفهم قانونا:-
أن امر ازالة التمكين واجب التنفيذ بموجب تشريعات الإصلاح القانوني وتفكيك بنية التمكين ، والتوزيع العادل للفرص تحقيقا لضمان الاستقلالية واسترداد الأموال المكتسبة من أفعال الفساد والتمكين.
نختلف قانونا:-
أن الوثيقة الدستورية ضمنت الاستقلالية للسلطة القضائية والنائب العام وفى هذا يجب وقف تغول لجنة ازالة التمكين على سلطات واختصاصات السلطة القضائية والنائب العام ووزارة العدل فى ولايتها على المال العام، وأن تلتزم السلطة القضائية والنائب العام بتنفيذ أمر إزالة التمكين وفق النظم والآليات المقررة قانونا حفاظا على مكانتهم وعدم تزعزع ثقة المواطن في مؤسساته العدلية والقضائية والنيابة العامة.
وجوب امر ازالة التمكين واجب التنفيذ بموجب تشريعات الإصلاح القانوني وتفكيك بنية التمكين واسترداد الأموال ،الأمر الذي يجعل من الأجدر أن تعاد صياغة عمل لجنة إزالة التمكين وفق الأسس القانونية السليمة والمستقرة قانونا دون شطط او حيف ومن ثم تعاد آليات الاستئناف، ولكن عودة لجنة الاستئنافات لمباشرة عمل فى ظل غياب لجنة ازالة التمكين واسترداد الأموال يعد ذلك محو آثار القرارات.
اثر مخالفة الإجراءات القانونية السليمة فى قرارات لجنة إزالة التمكين:-
قرارات اللجان والتدابير والتجاوزات القانونية،
ومخالفة الأطر القانونية السليمة والمستقرة تؤدي إلى مواجهة نزاعات دولية فيما يخص رؤوس الأموال المستثمرة والشراكات مع السودان .
أن عدم وضوح الرؤية والمنهجية فى إدارة المرحلة الانتقالية العدلية، ومخالفة الأطر القانونية السليمة والمستقرة من حيث المبدأ والقانون، والأزمات السياسية العامة والتدابير والقرارات التى تصدرها اللجان مفتقده لمعايير الحماية وحفظ الحقوق، قد تخلق وتسبب ازمات دولية محتملة مدخلها رعاية حقوق الإنسان، وحماية رؤوس الأموال المستثمرة والشراكات فى المشاريع الاستثمارية.
ما حققه المجتمع الدولى للسودان وفك العزلة الدولية يمكن أن تعصف به قرارات داخلية من لجان غير مدروسة العواقب والنتائج مما قد تخلق أزمة علاقات دولية جديد سببها رؤوس الأموال المستثمرة في السودان .
فى ظل متغيرات الواقع وآثار قرارات لجنة إزالة التمكين ومخالفتها للإجراءات القانونية السليمة والمستقرة والتطبيق الخاطئ للنصوص القانونية فان اعادة عمل لجنة الاستئنافات لا يجدى نفعا من الاجدر اعادة صياغة عمل لجنة إزالة التمكين بعد إزالة كافة الآثار المترتبة عن عدم السلامة الإجرائية والموضوعية فى القرارات التى صدرت والغائها وابطالها قضائيا.
فى هذه المرحلة المفصلية والاستثنائية يتعاظم دور وزارة العدل وفقا لقانونها فى ان تتولى جميع الاعمال ذات الطبيعة القانونية ومراجعة القوانين وإصلاحها لبسط حكم القانون حيث ان الفتوى الصادرة من المستشار القانوني ملزمة لأجهزة الدولة.
تحياتى مستشار فائز بابكر كرار
24/1/2022
Faizkararf77@gmail.com.