أعمدة

لواء شرطة م عثمان صديق البدوي (قيد في الأحوال) .. الشرق ! كُلُّنا في الهم سوا !!

لا يختلف إثنان في أنّ ﺣﺰﺏ (ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺒﺠﺎ) كأول حزب إقليمي ، تم تأسيسه ﻓﻰ 14 أكتوبر من ﺍﻟﻌﺎﻡ 1957م ، ﻛﺎﻥ هدفه الرئيسي هو ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﻨﻤﻴﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺮﻕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ “ﺍﻟﻔﻘﺮ” ﻭ”ﺍﻟﺠﻬﻞ” ﻭ”ﺍﻟﻤﺮﺽ”، ذلك الثالوث الذي مازال يخيِّم شبحه على الكثير من المناطق النائية القاحلة من شرق السودان، وبالتأكيد الضرورة تطلّبت قيام كيان يرعى مصالح أهل ذلك الإقليم الفقير ، كيان تنحصر أهدافه في تحقيق مطالب أهله ، وعلى نهج فاقد الشيئ لا يعطيه ، قام الحزب لخدمة أهل الشرق أولاً وأخيرا ، بالرغم من أنّ شروط تكوين أي حزب سوداني لابد أن يحمل إسم القومية ، ويفوز في دوائر في باقي مناطق السودان ليثبت قوميته وبالتالي مشاركة قياداته في الحكومة المركزية. وعلى إثر إنقلاب الفريق عبود، تم حظر نشاط الحزب كغيره وكافة الأحزاب السودانية، لكنه عاد مجدداً ، بعد سقوط حكومة عبود ، وشارك في إنتخابات عام 1965 البرلمانية، وفاز بأحد عشر مقعداً من مقاعد الجمعية التأسيسية، وجاءت مايو وتم حظره كبقية الأحزاب ، حتى إنتفاضة أبريل في العام 1985، وشارك في الإنتخابات العامة في العام 1986، وحصل علي مقعد واحد فقط. ثم جاء إنقلاب البشير، وكالعادة تم حظره كبقية الأحزاب، بعدها تحوّل الحزب لينضم للمعارضة المسلحة تحت إسم التجمع الوطني الديمقراطي السوداني المعارض في “أسمرا” عام 1993، والذي كان يضم الحزب الإتحادي الديمقراطي وحزب الأمة وجماعات معارضة أخرى، للإطاحة بحكومة البشير بالقوة. وفي العام 1995 وقّع حزب مؤتمر البجا على مقرّرات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية ، وقام مقاتلوه والجيش الشعبي بقيادة جون قرنق، والجيش الأرتري، بشن هجمات على الحدود السودانية الإريترية، واستهداف مواقع استراتيجية مثل طريق الخرطوم بورتسودان ، وخط أنابيب البترول، واحتلال بلدة همشكوريب على الحدود ، لكنها محاولات استمرت لبضعة أيام . وفي عام 2004 اختلف مؤتمر البجا مع التجمع الوطني الديمقراطي، وانسحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان منه، وبالتالي انسحب حزب مؤتمر البجا وحزب الأسود الحرة من التجمع المعارض، وقاما بتشكيل تحالف جديد سمّياه جبهة الشرق ، والتي وقّعت على اتفاق سلام شرق السودان مع حكومة البشير ، في 14 أكتوبر 2006 بالعاصمة الإريترية أسمرا، قضى بموجبه استيعاب قوات جبهة الشرق في القوات المسلحة، وتعيين قادة الجبهة في مناصب سياسية في حكومة البشير، أبرزهم ، موسى محمد أحمد ، وتعيينه ، مساعد لرئيس الجمهورية، وعقب هذه الإتفاقية ، تم إنشاء صندوق إعادة إعمار وبناء شرق السودان الذي يهدف إلى تنمية الشرق ، وكان يفترض أن يهتم بالمشاريع الخدمية مثل مياه الشرب والطرق والكهرباء والتعليم والصحة والمشاريع الإقتصادية، والتي خُصِّص لها مكوِّن محلي يقارب الستمائة مليون دولار ، حسب الإتفاقية ، لكن الطرف الثاني عزا عدم تنفيذ معظم المشاريع لعدم إيفاء الطرف الأول بتوفير المبلغ كاملاً ، إذ كل ما تم استلامه 252 دولار ، وما تبقى 347 دولار . وظل الصندوق على ذاك الحال ، وحسب تصريح مديره التنفيذي في ذلك الوقت ، أبو عبيدة محمد دج ، أنّ الصندوق نفّذ أكثر من 600 مشروع في مجالات التنمية المختلفة في الصحة والتعليم والمياه والبنيات التحتية وترقية الإقتصاد، وقال وقتها أنه تم تنفيذ المشروعات بنسبة 100٪ . كما أقرّ الصندوق بأنه استلم متأخرات ميزانية التنمية لعامي 2012-2013 ، وتبلغ 230 مليون دولار من المكوِّن المحلي . هذا خلاف ماقدمه مؤتمر المانحين لشرق السودان بالكويت في ديسمبر 2010. وظل الصندوق بتلك الصلاحيات ، حتى صدور قرار من إيلا بحل الصندوق وتنحية مديره ونائبه.

عموماً ، أيّاً كان الكيان تحت مُسمّي “حزب مؤتمر البجا” وتمثيله جهة معيّنة، أو إقليم بذاته، لابد من الإعتراف بأنه حزب قديم وتاريخي ، له أهداف محددة لم يخفها على أحد ، وكيف يضع أهدافاً قومية لتشمل كل السودان، وهو نفسه يفتقر منسوبيه لأبسط مقوِّمات الحياة، إذ أنّ أكثر من ثلثي مساحته يدب فيها الجوع والفقر والمرض والجهل وانعدام المياه ، ولا تنظر في أفقها إلّا إلى نهاية صحراء جرداء ، وجبال تنبت حولها نباتات حنظل تلفظها حتى الجِمال ! ، ومناطق أنتابيب وحلوت وتوارتيت، وأسماء أخرى حتى الآن لم يسمع بها أهل السودان ! ، وهو على ذاك الحال ، لم تجد المطالبات من الحكومات المتعاقبة أذناً صاغية ! ، وحتى صندوق إعمار الشرق الذي تم التوقيع عليه بعد رفع السلاح ، لم يتم تقييمه، وجرد حساباته لمعرفة إن كان قدّم شيئاً للإقليم ، وبسبب عدم وجود الإشراف المباشر، والشفافية، والمراجعة العامة التي تضبط كل وارد ومنصرف ، مات المشروع كغيره من مشاريع الإنقاذ التي يغلب عليها طابع “خلّوها مستورة” كفقه السيد علي الحاج في طريق الغرب !.

وحتى لا يقع أهل الشرق في أخطاء الماضي ، يجب توحيد أنفسهم في كيان سياسي، واحد ، يمثِّل كل أهل الشرق ، بعيداً عن القبلية ، سيّما وأنّ الشرق يملك مقومات بنية تحتية تؤهله لأن يكون أرقى أقاليم السودان ، أهمها الموانئ ، وساحل البحر الأحمر، والثروة المعدنية. وعن الموانئ يجب النظرة المستقبلية المتطورة التي تواكب طفرة الموانئ الحديثة في العالم ، صحيح أنّ أكثر من ثلاثة عشر ألف مواطن يعيشون على تلك الموانئ كعمالة “تُعتِّل” فوق ظهرها ! ، لكن حتى متى تتحمّل هذا العبء على الظهر ، والسير في هذه المهنة الشاقة ؟!.. لماذا لا يدخل كيان الشرق، ومن ضمن شروطه بالدخول في مفاوضات مع المركز بأن تكون له نسبة مئوية معقولة في أي استثمار يخص تلك الموانئ، مقابل تنمية إنسان الشرق ، وأولها مثلاً، حفظ حقوق العاملين، بأن ينشأ بنك، يكون لأولئك العمال الثلاثة عشر ألف، أسهماً معلومة فيه، مفيدة مربحة مجزية مقابل إفساح المجال لموانئ، يتم الإتفاق عليها، تعمل بتقنية الرافعات المنجزة، بدلاً عن العمالة البطيئة الغير مجزية لدخل الفرد ودخل الدولة. وبهذه الطريقة يكون الشرق قد وجد حقه من اقتسام الثروة. أمّا السلطة واقتسامها ، فهي زائلة وإن شاركت فيها في الفترة الإنتقالية ، فالفترة الإنتقالية هي محددة بعامين أو ثلاث، ومربط الفرس في تجهيز حزب مؤتمر البجا، وكل الأحزاب، نفسها للخوض في العملية الإنتخابية، والحصول على أكبر الأصوات إن أرادت حكم السودان ، ولن تدوم المحاصصات والمجاملات، إن طال الزمان أو قصُر .

آخر السطور :

خيرٌ فعل أمس رئيس مجلس البجا الناظر ترك بنفيه بيان أعلن عن حكم ذاتي بالشرق .

ودبايوا

لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
11نوفمبر 2022

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى